أخبار الآن | الريحانية – تركيا (محمد سلهب)
يعيش عشرات الآلاف في مدينة الريحانية التركية المتاخمة للحدود السورية، والتي احتضنت أكبر عدد من الموجة الأولى للاجئين السوريين.
ومع ازدياد عدد اللاجئين ضاعفت المنظمات الإغاثية جهودها في تغطية احتياجات الأهالي، إلا ان هذا العمل لم يقتصر على تلك المنظمات، وإنما ظهرت بعض المبادرات الفردية مثل التركي "عبد القادر أبو يحيى" 50 عاماً، وهو اسم لا يخفى على السوريين المقيمين في المدينة، حيث بات وجهة للاجئين والمحتاجين حين نذر نفسه لمساعدة إخوانه السوريين.
جهود فردية تركية مميزة
بدأ عبد القادر عمله الإغاثي مع توافد السوريين إلى الأراضي التركية معتمدا على تبرعات الأصدقاء والمعارف سواء أكانت مادية أم ببعض الاحتياجات الأساسية المتاحة لديهم.
يتحدث عبد القادر لأخبار الآن: "إن عدد الاسر في أول سنة من الثورة كان قليلا فكانت التبرعات التي أجمعها كافية لسد الحاجات الأساسية للأسر، فكنت أشتري بتلك المبالغ المالية بعض المواد الغذائية وأقسمها على شكل سلال غذائية وأقوم بتوزيعها فيما بعد".
ويتابع عبد القادر: "مع ازدياد تدفق اللاجئين إلى تركيا عموما والريحانية خصوصا بات من الصعب تغطية كافة العائلات المحتاجة، فكان لابد من أن أجد مصدرا آخر لتغطية الاحتياجات. بذلت الكثير من الجهد بحثا عن متبرعين جدد ولكن ليس كما في السابق فأنا اليوم بحاجة لمبالغ كبيرة ويجب أن أجد من يدعمني بأية طريقة، وبفضل ثقة أصدقائي بي تعرفت على بعض التجار ممن مدوا يد العون لي لأستمر في عملي ومساعدة اخواني. فكان بعضهم يقدم الدعم المادي والآخر كان يقدم مواد غذائية وألبسة، إلا ان الدعم لا يكون بشكل دوري وهذا أمر يعيق تطوير العمل فأعمد في كثير من الأحيان لتوزيع المعونات للعائلات الأكثر احتياجا".
"ناصيف" لاجئ سوري وأب لخمسة أولاد، تعرض لإصابة وبترت على إثرها ساقه، يقول: "كان كافيا أن يزورني عبد القادر في بيتي المتواضع ليمد لي يد العون والمساعدة. عبد القادر إنسان خيّر ولست بحاجة لأية إجراءات أو معاملات ويكفي أن تكون بحاجة فعليا. كما ويعتمد عبد القادر على نظام عمل يسير به المساعدات ومنحها لمستحقيها".
"أم محمد" لاجئة سورية تقول: "منذ قرابة السنة أعيش في الريحانية وأتلقى المساعدة من أبو يحيى لكن ليس بشكل شهري، إلا أن عبد القادر يقوم بالاتصال بنا بين الحين والآخر ليخبرنا بوجود مواد غذائية أو أي شكل آخر من المساعدة، ومع بداية الشتاء أخبرنا عبد القادر أنه يوجد لباس شتوي وفعلا توجهنا للمستودع وحصلنا على ما نحتاج من لباس".
مشكلة اللغة والتغلب عليها
ربما كانت مشكلة الدعم المادي كبيرة، إلا انها لم تكن الأخيرة. فقد برزت مشكلة أخرى وهي أن عبد القادر لا يجيد اللغة العربية فكان من الصعب التواصل مع الأسر دون وجود وسيط. إلا أنه استطاع حل المشكلة من خلال تعليم بعض الأطفال المرافقين لأمهاتهم اللغة التركية، فكان الأطفال يترددون إلى "العنبر" ويقوم صديق له بكتابة عشر كلمات بمعناها العربي والتركي على السبورة، وكانت تتكرر العملية يوميا، حتى وصل عددهم إلى ما يقارب 40 طفلا يتقن التركية كتابة ومحادثة ليتناوبون على مساعدة عبد القادر حسب أوقات الفراغ.
يقول "محمد الحلبي" من الأطفال الذين يساعدون عبد القادر: "بدأت العمل مع العم عبد القادر منذ قرابة السنتين والنصف وأنا الآن أتكلم التركية وأكتبها وأنا سعيد جدا بهذا العمل، فهو عمل خير نساعد من خلاله أهلنا وقد تعرفت على أصدقاء آخرين في الصيف كنا نجتمع في كل يوم. أما الآن ومع افتتاح الفصل الدراسي انحصر اجتماعنا في أيام العطل، فعبد القادر لا يسمح لنا بالقدوم للعنبر دون إنهاء واجباتنا الدراسية".
"حسين" 16 عاما من حماة يقول: "منذ سنتين وأنا اعمل مع عبد القادر في مساعدة العائلات السورية وأصبحت أتقن اللغة التركية كما العربية. ربما كان هناك بعض الصعوبات التي واجهتني في تعلم التركية إلا أنني استطعت التغلب عليها، واكتسبت من خلال هذا العمل مهارات أخرى تمثلت باستخدام الحاسب وملحقاته".
ما يطمح إليه عبد القادر اليوم أن يكون له دعم خاص مستقل ومستمر ليغطي احتياجات الجميع دون أن يكون الدعم محدود لأسر دون أخرى ويكون العمل بشكل أوسع دون أية معوقات. يقول: "ما أتمناه اليوم هو دعم يمكّنني من مساعدة جميع الأخوة السوريين ليس فقط في الريحانية وإنما خارجها أيضا، فالمحتاجين كثر والإمكانيات المتاحة قليلة لا تكفي كل العائلات".