أخبار الآن | الرقة – سوريا – (عزام الحاج)

شهدت مدينة تل أبيض ظهر هذا اليوم، 22 تشرين الثاني 2015، تفجير دراجة نارية مفخخة أمام "شعبة تجنيد تل أبيض القديمة" في وسط المدينة، حسب ما أفاد ناشطون محليون. التفجير تسبب في وقوع شهداء بين المدنيين وحدث لحظة ذروة الحركة في المنطقة التي تُعتبر قلب المدينة الاقتصادي والإداري. وحال وقوع الانفجار، سارعت قوى الأمر الواقع ممثلة بالـ PYD إلى إغلاق المدينة بالكامل، فيما توجهت سيارات الإسعاف إلى المكان لنقل المصابين والجرحى.

التفجير والضحايا

وفيما سقط أحد المدنيين شهيدا في الحال، فإن امرأة وطفليها تم نقلهم إلى المشافي التركية حيث تُوفيت المرأة متأثرة بجراحها بينما بقي طفلاها هناك رهن العلاج. وبدا ظاهراً في مقطع فيديو بُث على شبكات التواصل مسرح التفجير، ترجيح أن يكون عملاً إرهابياً مدبراً، حيث ما تزال النار تشتعل في دراجة نارية وسط الطريق فيما تناثرت أجساد المصابين في المكان.

ويُعتبر هذا التفجير في مدينة تل أبيض ثالث حادث أمني يضربها خلال الأشهر القليلة الماضية؛ إذ كان مجهولون قد زرعوا عبوة ناسفة قرب أحد مقرات وحدات حماية الشعب في المدينة، تلا ذلك اغتيال الشيخ "عمار درويش" مؤذن وخطيب جامع في تل أبيض قبل أسابيع من قبل مُقنعيَن يستقلان دراجة نارية، أردياه قتيلاً بإطلاق الرصاص عليه بمسدسات بكواتم صوت.

لكن خضوع المدينة وريفها لقبضة عسكرية وأمنية مُحكمة تفرضها ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية تمنع بموجبها وسائل الإعلام المستقلة من التواجد في مناطق عملها، إضافة لعدم وجود هيئات تحقيق جنائي وقضاء مستقل تجعل من هذه الحوادث عُرضة لتفسيرات وتأويلات سياسية تخضع لمبدأ: مَن المستفيد؟. السؤال الذي يطرحه المتابعون وأبناء المناطق في كل مرة تقع فيها حوادث من هذا النوع.

أصابع الاتهام تشير إلى داعش

والحال أن أصابع الاتهام، بحسب تحليلات "مَنْ المستفيد؟"، تُوجه في كل مرة إلى طرفين لا ثالث لهما: فإما الميليشيات الكردية التي تمارس تطهيراً عرقياً مُمنهجاً وصامتً لأبناء المنطقة منذ أن بسطت سيطرتها عليها في منتصف شهر حزيران السابق وبذا تحاول دفع المزيد من أبنائها للنزوح منها، أو داعش الذي انسحب من المنطقة بفعل ضربات التحالف الدولي، الذي غطى تقدم وحدات حماية الشعب وفصائل من الجيش السوري الحر على الأرض.

إلّا أن النظر في سياق أعرض للأحداث في محافظة الرقة عموماً يتيح، حسب بعض الناشطين، ترجيح أن يكون داعش مسؤولاً عن هذا العمل الإرهابي. إذ أن تراجع قدراته على شن هجمات عسكرية منسقة وتحوله إلى دفاع مستميت ويائس عن مناطق سيطرته عن طريق تنفيذ هجمات من هذا النوع يمكن أن تفسر تفجير تل أبيض اليوم.

فبعد هزائمه في عين العرب في ريف حلب الشمالي، ثم في تل أبيض في ريف الرقة الشمالي، وأخيراً تراجعه أمام تحالف قوات سورية الديمقراطية في ريف الحسكة بالتزامن مع كثافة القصف الجوي من قبل طيران التحالف والطيران الروسي والفرنسي وطيران النظام السوري، يبدو مفهوماً لجوء داعش إلى هذا النوع من الإرهاب الأعمى.

ويبدو أن تراجع قدرات داعش على تنظيم أعمال عسكرية كبيرة، الأمر الذي يظهر في لجوئه إلى أعمال إرهاب وترويع للمدنيين، يؤذن بتحوله إلى مجموعات صغيرة تعمل بشكل منفرد ومستقل حيثما أمكنها تنفيذ مثل هذه الأعمال. وهي مرحلة، في ما يظهر، تؤشر إلى قرب انحلال التنظيم كجسم سياسي وأمني وعسكري مركزي ومنظم إلى خلايا تمارس الإرهاب وتنشر الفوضى دون برنامج سياسي أو دعائي واضح.

لكن هذا الانحلال المفترض يستدعي أيضاً مقاربة مختلفة للتعامل مع شراذم التنظيم غير تلك المعتمدة اليوم. فثمة حاجة إلى طريقة أكثر شمولاً وتأنياً وتفصيلاً أيضاً، تجعل مكافحته عسكرياً وأمنياً مترافقة مع تدابير أوسع سياسية واجتماعية وثقافية.