أخبار الآن | متابعات – خاص – (يمنى الدمشقي)

لطالما كان الفن هو الوجه الأسمى والأرقى للتعبير، ولعب دوراً كبيراً في الحروب فكان سلاحاً ذا قيمة أيضاً.

ولأن المشهد في سوريا بات ضبابياً مع نشوء جماعات متطرفة مسلحة هدفها الإساءة إلى المجتمع السوري وتدمير حضارته وتغطية الوجه الحقيقي للثورة السورية، فإن مجموعة من الفنانين السوريين اللاجئين في ألمانيا، قاموا بتنظيم حملة في ألمانيا تحت عنوان "شكراً ألمانيا" في محاولة منهم لشكر ألمانيا على موقفها في استقبال اللاجئين السوريين.

تعاون مع الحملة عشرة مصورين فوتوغرافيين سوريين مقيمين في ألمانيا من خلال إظهارهم جمال الصورة الفوتوغرافية التي توضح جمال الحياة في ألمانيا، حيث بات هؤلاء الفنانون يعرضون أعمالهم الفنية في شوارع ألمانيا وفي التجمعات الثقافية مع الألمان وأسسوا صفحة على الفيسبوك لعرضها أيضاً، وأضيف إلى الحملة أيضاً حفلات موسيقية للعزف في شوارع ألمانيا، وتركز أغلبها في برلين العاصمة، وتم المشروع بتمويل شركة فيسبوك ودعم شركة إنستغرام.

حملة الفن في مواجهة داعش

أرفقت هذه الحملة بحملة أخرى تحت عنوان "الفن في مواجهة داعش"، حيث يقول الفنان "مؤنس بخاري" أن هذه الحملة كانت بالتعاون مع الفنانين السوريين المقيمين في ألمانيا، وعملوا من خلالها على إظهار الوجه الحقيقي للمجتمع السوري من خلال الفن، لأن الفن هو أرقى ما أنتجه العقل الجمعي وهو خير ما يخاطب به المجتمع الألماني. ويضيف بخاري أنهم اجتمعوا مع مجموعة من الفنانيين لدعم هذا المشروع، وشملت الحملة فعاليات موسيقية وفوتوغرافية.

ترك مؤنس بخاري سوريا بعد ملاحقات مستمرة من قبل الأمن السوري في منتصف 2011، وهو فنان تشكيلي كان قد درس الفنون الجميلة، وصل إلى ألمانيا منذ أكثر من سنتين وبات يعمل على تشبيك المجتمع السوري في ألمانيا من خلال تأسيسه لمؤسسة "البيت السوري في ألمانيا" وهي مؤسسة اجتماعية ثقافية تعنى بتسيير أمور اللاجئين من خلال نشاطاتها على الفيسبوك من حيث تأمين بيوت أو إرشادات أو تنظيم وقفات.

ويضيف مؤنس "أن المتطرفين اليمينيين في ألمانيا غالباً ما يتهمون اللاجئين بالتطرف الديني وبالجهل وأنهم قدموا إلى ألمانيا من بيئة أنتجت "داعش" بينما يعلم الجميع بأن داعش ليست صنيعة المجتمع السوري الحضاري إنما هي دخيلة عليه، لذلك بتنا نقاوم لنرفع هذه الصورة عنا ونظهر الوجه الحقيقي لثقافة المجتمع السوري".

صحيح أن هناك بعض المتعصبين في سوريا، كما في ألمانيا مثلا، لكن المجتمع السوري بطبيعته مجتمع منفتح".

الفن في مواجهة داعش .. حملة للفنانين واللاجئين السوريين في ألمانيا

معرض "ابتسامة أمل" للمصورين السوريين

ويضيف مؤنس: "نحاول بالتعاون مع مئة فنان سوري مقيمين في ألمانيا وبعضهم في دول أوروبية مجاورة، لتنظيم معرض للصور الفوتوغرافية في برلين، حيث لازال المعرض قيد التجهيز وقد يعلن عن موعد افتتاحه في حال الانتهاء من جميع التحضيرات له، فقد يكون خلال أيام وقد يكون خلال شهر .. سيكون في المعرض صور للمصورين المقيمين في سوريا تحت اسم "ابتسامة أمل" بغرض دفع النظرة القاتمة المتكونة لدى المجتمع الألماني تجاه اللاجئين السوريين عن الحياة في سوريا التي باتت مرتبطة بالموت فقط! والتي ساهم الإعلام الألماني أيضاً بتصويرها أنها كذلك، حتى بات اسم سوريا يعني الموت! فصحيح أن هناك الكثيرين لازالوا محاصرين في سوريا لكنهم لا زالوا قادرين على صناعة الفرح والأمل".

وأضاف مؤنس "لذلك نحن نعمل على تنفيذ هذا المشروع بالتعاون مع العديد من المؤسسات الإعلامية الألمانية لننقل صورة أكثر وضوحاً عن الحياة في سوريا، فمع الموت يوجد حياة، ومع اليأس يوجد أمل، حتى في الأحياء المحاصرة".

الفن في مواجهة داعش .. حملة للفنانين واللاجئين السوريين في ألمانيا

نشاطات إيجابية متنوعة

وضمن سياق فعاليات الحملة يتابع مؤنس: "أجرينا عدة فعاليات موسيقية في مراكز لإيواء النازحين بالتعاون مع موسيقين سوريين، إضافة إلى بعض الموسيقيين غير السوريين، كما قام العديد من الموسيقيين السوريين في ألمانيا بتنظيم كونشرتات اندماجية عزف فيها السوري إلى جانب الألماني وعلى عدة مستويات موسيقية، من الشعبية وحتى الكلاسيكية."

اللاجئون بين القبول والرفض

ورحب المجتمع الألماني بتلك الفعاليات، وتغيرت نظرة الكثيرين نظرتهم للمجتمع السوري الذي ظنوا أنه منغلق أو متأثر بداعش، فبالإضافة لكل هذه الفنون تم تقديم نشاطات ترفيهية كصنع الطعام السوري وأنشطة رياضية، كل ذلك ساهم في تغيير النظرة السلبية للألمان وجعلت لديهم روح المبادرة والعطاء للسوريين.

ومن المعروف أنه في الآونة الأخيرة تنشط بعض الأطراف الألمانية المتطرفة أو ما يسمون "بجيدا" ضد اللاجئين، وخرجت مظاهرات عدة تنادي بطردهم من ألمانيا ورفض وجودهم واتهامهم بأنه تابعون لداعش، وتركزت هذه التظاهرات في الولايات الألمانية الشرقية التي عانت من الديكتاتورية السوفياتية، واحتشدت خاصة أمام مراكز لإيواء اللاجئين، كان إحداها في مدينة نيومنستر التابعة لولاية شلسفينغ هولشتاين، حيث تجمع ما يقارب 15 شخصاً من اليمينيين أمام مدرسة تأوي عدداً من اللاجئين، وباتوا يصرخون ويطالبون بطردهم، لكن مجموعة من اليسار الألماني وبعض الشباب الناشطين في مجال مساعدة السوريين وبينهم أتراك، وقفوا لهم واحتشدوا للترحيب باللاجئين السوريين، وجلبوا معهم الحلوى والفواكه ونظموا عرضاً راقصاً أمامهم استمر لمدة ساعتين ما أدى إلى غضب اليمينيين وانصرافهم.

تقول "إيزابيلا" وهي سيدة في الخمسين من عمرها تعمل في الكنيسة وفي مجال مساعدة اللاجئين: "نحن نرفض كل هذه التصرفات العنصرية، ولا يمكن لهؤلاء سوى أن يكونوا مجانين، نحن بالنهاية نحتوي أزمة إنسانية كبيرة وهذا من واجبنا". وتضيف: "السوريون مرحب بهم في ألمانيا شأنهم شأن باقي اللاجئين، وهذا أقل ما يمكن أن نقدمه كألمان لهم، فهم مقبلون على الحياة رافضين أن يستلموا لواقعهم، وإننا سنحاول قصارى جهدنا لمساعدتهم".

وعن خشيتها من أسلمة المجتمع الألماني تقول إيزابيلا: "الإسلام شأنه شأن باقي الديانات، يحق للمسلمين ممارسة شعائرهم الدينية هنا مثل المسيحيين فنحن بلد الحريات، ولا يحق لهؤلاء العنصريين أن يتهموا مجرد لاجئين فارين من الحرب بمحاولة أسلمة المجتمع الألماني".

يعمل مؤنس بخاري مع ناشطين في اليسار الألماني في مواجهة العنصريين من اليمين، ونحاول توضيح أن السوريين هم مجرد فارين من الحرب ولا يطلبون إلا السلام.

ولا يقتصر الأمر من المعارضين لوجود السوريين على اليمين المتطرف الألماني فقط، بل امتد أصلاً إلى عرب مقيمين في ألمانيا، حيث يتحدث "محمد" عن رؤيته لمظاهرة عنصرية قامت ضد اللاجئين، وفوجئ بوجود سوريين اثنين وعراقيين ضمن المظاهرة، وعندما سألهما عن السبب الذي دفعهم للتظاهر ضد أبناء بلدهم أجابوه أنهم يخشون من انتشار الفكر المتطرف في ألمانيا!.

وبينما تزداد مخاوف اللاجئين في ألمانيا من أي تصرف عنيف أو ردة فعل ضدهم خاصة بعد الهجمات الفرنسية الأخيرة تزداد بالمقابل رغبتهم في إعطاء الصورة الحقيقية عنهم للمجتمعات الأوربية وهي حقيقة أن داعش لا تمثل إلا فئة متطرفة تقتل وتنهب باسم الدين وهي بعيدة كل البعد عن المكوّن السوري.

الفن في مواجهة داعش .. حملة للفنانين واللاجئين السوريين في ألمانيا