أخبار الآن | اللاذقية – سوريا (أحمد الدمشقي)

تعيش غوطة دمشق الشرقية، أحد أبرز معاقل الثورة في دمشق وريفها، أياماً عصيبة جراء الحصار الخانق المفروض عليها، والذي توج بهجوم هو الأعنف على مختلف أرجائها في إطار محاولة النظام تحقيق تقدم على مختلف الجبهات في سوريا لاستغلال المؤازرة الروسية بالطيران الحربي ولتعزيز موقفة التفاوضي في فيينا كما جرت عادة النظام قبل كل جولة مفاوضات.

القصف الروسي ونزوح السكان

تتعرض الغوطة التي تأوي حوالي 800 ألف إنسان لقصف عنيف بمختلف أنواع الأسلحة وصفه أهالي الغوطة بالجنوني، والذي أدى إلى إيقاع المئات من المدنيين بين شهيد وجريح كاستمرار لسياسة الأرض المحروقة التي يتبعها النظام بضرب المدنيين خلف الجبهات لإرباك المقاتلين وبث الرعب.

ومن أخطر الجبهات التي يستميت النظام للتقدم من خلالها "جبهة المرج" شرق الغوطة والتي تعتبر القطاع الأكبر وتمتد على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية وبعض التلال. واستطاع المقاتلون صدّ معظم تلك الهجمات التي ترافقت بأكثر من 350 غارة جوية ورشقات هائلة بالأسلحة الثقيلة ما دفع قرابة 11 ألف أسرة كانت تقطن المنطقة إلى النزوح منها باتجاه عمق الغوطة.

وقال الناشط "عمار كريم" في حديث خاص لأخبار الآن أن: "قطاع المرج يضم 28 قرية، وبدأ النظام حملته على المنطقة مطلع العام 2013 عندما تمكن من دخول "العتيبة" الاستراتيجية، والتي تقع أقصى شرق الغوطة وبدأ بعدها بالتقدم إلى بلدة العبادة فالجربا فالبحارية فالقيسا فالزمانية إلى أن وصل إلى بلدة القاسمية وعندها توقف، و بذلك يكون قد قطع طريق الإمداد الرئيسي لكامل الغوطة".

ويركز النظام على المرج كونها الخاصرة الرخوة للغوطة لامتدادها على أراضي زراعية مكشوفة عكس جوبر حيث الأبنية التي يتم التحصن بها وبسبب المطار العسكري الموجود فيها. وكانت جبهة النصرة وأجناد الشام، أكثر الفصائل انتشاراً في المنطقة فيما مضى، ولكن بعد انضمام بعض فصائل المنطقة لجيش الإسلام أصبح هو القوة الأكبر مناصفة مع جبهة النصرة.

وينوّه "كريم" إلى خطورة وضع المنطقة بسبب الحملة العنيفة، لكنه شدد على أن كل الفصائل مصرة على الثبات بسبب التهديد المباشر لكامل الغوطة حال سقوط مطار المرج الذي تتاخمه تلة فرزات المرتفعة والتي تكشف كامل الغوطة الشرقية، وذلك على الرغم من الخلافات التي تتفاقم بين الفصائل والتي لم تستطع التوصل إلى اتفاق يفضي إلى إنشاء غرفة عمليات مشتركة للحفاظ على المرج.

ونفى عمار وجود علاقة بين معركة المرج ومعركة جيش الإسلام في الجبال المطلة على الغوطة، وختم عمار حديثه بالقول أن الغوطة تستطيع الدفاع لمدة طويلة لكنها لا تملك القدرات الكبيرة للهجوم كما في الشمال بسبب الحصار والذي اتهم بعض الجهات بالاستفادة منه لتحقيق غايات استرتيجية.

منطقة المرج في الغوطة الشرقية: صمود للثوار وغارات روسية مكثفة للسيطرة

ضرورة تشكيل غرفة عمليات مشتركة

يقول "أبو اليسر" مدير المكتب الإعلامي في عربين لأخبار الآن أن الوضع العسكري حرج بسبب القصف العنيف بمختلف أصناف الأسلحة، لكن لا يزال المقاتلون صامدون على مشارف مطار المرج الاحتياطي. وهو ما يفرض ضرورة تشكيل غرفة عمليات مشتركة لصد الهجمة وهو ما لم يحدث إلى اليوم.

يأتي هذا في ظل طبيعة المنطقة المكشوفة والنقص في السلاح الثقيل ومشاركة الطائرات الروسية بكثافة بالقصف على المنطقة. فالهجوم يتم من عدة محاور في محاولة لتطويق المرج وهو ما تم إفشاله.

واعتبر "أبو اليسر" أن سقوط المنطقة خطير جداً لأنها بوابة لباقي مدن وبلدات الغوطة، وهي شريان لعدد من المدن والبلدات، كما أن سقوط المنطقة يهدد بفتح معركة على المتحلق الجنوبي تمتد من جوبر إلى حرستا.

وقد ترافق ذلك مع نزوح جميع سكان المرج، مع استمرار معركة الجبال غرب الغوطة بعد تراجع بسيط من قبل جيش الإسلام على أطراف الضاحية بسبب القصف الهائل وتعذر إيصال السلاح الثقيل إلى الجبال المكشوفة من قبل عدد من منصات إطلاق الصواريخ ومضادات الدروع التي استخدمت بكثافة عالية حتى ضد الأفراد على الجبال.

يسعى النظام ومن خلفة روسيا إلى السيطرة على مطار المرج العسكري والثكنات المحيطة به والذي اعتبره غير ذي أهمية عند سقوطه، لكنه ينزل اليوم بكل ثقله وباستراتيجية عسكرية لاختراق المناطق المحررة لتحقيق نصر أمام مؤيديه لكن على أرض محروقة، ليخلف الآلاف من العائلات المشردة مرة أخرى، لكنه ومع ذلك فقد فشل بعد مرور أكثر من شهر على الحملة أمام صمود الثوار الذين أجمعوا على مطلبهم بتوحيد جهود الفصائل والقادة للاستمرار وتخطي المرحلة الحالية.