أخبار الآن | حلب – سوريا (عمر عرب)
يعد الريف الجنوبي لمدينة حلب من أفقر المناطق الموجودة في سوريا حيث كان مستوى الخدمات المقدمة من قبل الحكومة السورية متواضعا جدا وقد استطاعت قوات المعارضة تحريره منذ مطلع العام 2013 وهي تسيطر عليه إلى الآن.
ورغم ذلك إلا أن الأوضاع لم تتحسن، بل ازدادت سوءاً حيث دمرت قرى كاملة مما دعا سكانه إلى النزوح عن بيوتهم حيث يقدر عدد سكانه الآن بحسب إحصاءات منظمة بنيان بـ 450 ألف نسمة، ويقيم كثير من سكانه في مخيمات فقيرة جداً في الريف الجنوبي أيضاً حيث يقدر عددها بثلاثة عشر مخيماً.
القصف الروسي وهجوم قوات النظام
بدأت قوات النظام والمليشيات الأجنبية المنضوية معها في بداية الشهر العاشر هجوماً واسعاً على قرى الريف الجنوبي مدعومة بغطاء جوي كثيف من الطائرات الروسية، واستطاعت إحراز بعض التقدم الذي دفع الكثير من الأهالي إلى النزوح بسبب اشتداد وطأة المعارك وكثافة القصف الجوي.
يتحدث "أحمد العليوي" أحد النازحين في الأراضي الزراعية المحيطة لأخبار الآن: "نزحنا بثيابنا لم نستطع حتى أخذ ما نحتاجه من أغراضنا، لا نستطيع الذهاب بعيداً عن أرضنا سنبقى ننتظر هنا في الأراضي الزراعية حتى تهدأ المعارك علنا نعود إلى بيوتنا، الآن لا نملك المأوى ولا أغذية تكفينا ولا ندري ماذا سيحصل بعد ذلك".
الاستجابة الإنسانية من المنظمات الدولية والمحلية
بعد حدوث هذه الأزمة عملت كثير من المنظمات والجمعيات الخيرية على محاولة تقديم العون لهؤلاء الناس المشردين حيث كان أغلب نزوحهم في مناطق الريف الجنوبي حيث افترشوا الأراضي الزراعية في محيط الحاضر والزربة أو نزحوا إلى قرى الريف الغربي.
ويرى المهندس "حسام" منسق غرفة طوارئ حلب أن الأزمة الإنسانية كبيرة جداً والنزوح يتكرر عدة مرات، فالمناطق التي تحتضن النازحين تنزح بأكملها بعد تقدم قوات النظام إليها. عدد النازحين المسجلين حتى 22 تشرين الأول كان تقريباً 44550 نازحا حسب تقرير قطاع المخيمات في مكتب الأمم المتحدة في تركيا، وهم يتوزعون على بيوت غير مكتملة البناء أو في الأراضي الزراعية أو تم احتضانهم من بيوت وسكان المناطق المستضيفة وهم يحتاجون لكل أنواع المساعدات الإنسانية من خدمات صحية ومواد غذائية ومواد غير غذائية.
ويضبف المهندس بأن: "الاستجابة من المنظمات لم تكن ضعيفة بل كانت عالية بحسب قدرة المنظمات السورية وطاقتها، ولا ننسى أننا لا نخرج من أزمة نزوح حتى ندخل في أزمة جديدة أو حتى يكونان بشكل متزامن أحياناً. وحتى المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة لم تقصر في تقديم الدعم الفوري حسب الاحتياطات الموجودة لديها. وقد استجاب مكتب الأمم المتحدة في تركيا لأزمة النزوح المتزامنة من ريف حلب الجنوبي وريف حماة الشمالي بتقديم تمويل طارئ قدر بـ 10 مليون دولار للاستجابة للاحتياجات الإنسانية العاجلة والرئيسية للنازحين من هذه المناطق والذي قدر عددهم ب 120 ألف نازح، وخصص هذا المبلغ لتغطية الاحتياجات الغذائية والمأوى والصحة والمياه والمخيمات ولقد بدأ العمل من قبل المنظمات لتلبية الاحتياج الإنساني".
وعن الحلول المقترحة لتفعيل الاستجابة بشكل أكبر يقول المهندس حسام بأن المنظمات السورية: "تفعل ما بوسعها لتلبية الاحتياجات ولكن من الممكن تفعيل مستوى أعلى من التنسيق في الأعمال والمناصرة للقضايا الإنسانية وكذلك إنشاء صندوق تبرعات مشترك للطوارئ يمول تخزين مواد أساسية لا تُستخدم إلا في أوقات الطوارئ مما يسرع الاستجابة بشكل أعلى وفوري، خاصة وأنني أتوقع أننا قادمون على عدد كبير من الأزمات الإنسانية في محافظة حلب والشمال السوري بشكل عام".
وبالنسبة لعمل غرفة الطوارئ فيقول بأن الغرفة حالياً في طور إعادة هيكلة وأعمالها أصبحت في الحد الأدنى وننتظر قريباً إعادة تفعيلها بالشكل الأفضل وبخطط ذات تأثير أكبر وذلك بسبب الخبرات المستفادة من الفترة السابقة.
منظمات محلية شبابية
استطاعت منظمة بنيان التي تعتبر من المنظمات العاملة في الشمال السوري في مجالي الإغاثة والتعليم بشكل بارز والتي يديرها مجموعة من المتطوعين أن تكون سباقة في عملها داخل الريف الجنوبي حيث كانت تنفذ يومياً إلى ما قبل بدء الهجوم مشروعاً لتوزيع الخبز المجاني لحوالي 35 قرية وبعد بدء الهجوم تمكن فريقها الإغاثي "شباب ساعد" من المضي قدماً في العمل.
يحدثنا "أحمد قطان" مدير فريق شباب ساعد ضمن منظمة بنيان: "أوضاع النازحين كانت صعبة للغاية وهي تقدر الآن بحوالي مائتي ألف نسمة نزحوا من حوالي 36 قرية موجودة في الريف الجنوبي، وقد بدأنا بتقديم الكثير من المواد الغذائية والمتممات الغذائية للأطفال والخيم والتمور وقد استطعنا الوصول إلى حوالي 2500 أسرة نازحة وعلينا الاعتراف بأن حجم الاستجابة مازال ضعيفا جدا وهو لا يغطي الأزمة إطلاقاً، وبالنسبة للتوقعات المستقبلية فالأمور صعبة بسبب اقتراب فصل الشتاء".
وأخيراً، نتمنى من جميع المنظمات مد يد العون لنازحي الريف الجنوبي، فلعل االقادم المجهول أخطر وأشد من الواقع الحالي، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء، فقد اقتصرت أحلام النازحين على العودة إلى منازلهم آمنين.