أخبار الآن | اللاذقية – سوريا – (حلا محمد)
تعيش مدينة اللاذقية على وقع مشهد يومي يتمثل بهجرة الكثير من سكانها، الشباب خصوصا، وتحديدا من أهالي المدينة الأصليين. فالبعض ترك أعماله وهاجر، والبعض الآخر ترك دراسته والباقون يفكرون بطريقة آمنة تخرجهم من البلد خوفا من سيناريوهات قادمة.
ليس بالغريب أن تجد عائلات أحياء اللاذقية المعروفة، كالصليبة مثلا، وهي مشغولة بمحاولة تأمين خروج أفرادها نحو تركيا وأوربا، فحتى اﻷمهات أصبح جل ما يشغل تفكيرهن هو كيف ومتى وإلى أين سيسافر أبنائهن، وهل سيعيش بسلام هناك أم ﻻ.
هروب من موت محتم
"أم عدنان" من حي الصليبة كانت حزينة وحائرة بقولها: "منذ سنة وقبل أن يتسلّم ابني دفتر الخدمة الإلزامية وأنا حائرة وملهوفة وتدور في رأسي الكثير من الأفكار. كيف له أن يسافر وهو ﻻ يستطيع الاعتماد على نفسه. أخاف عليه من نار الغربة، أن ﻻ يجد مأوى أو أن يتورط في مشكلة دون أن يدري، كنت أرفض فكرة سفره".
وتتابع أم عدنان: وها أنا اليوم وبعد أن تسلّم دفتر الخدمة لا أستطيع النوم من شدة قلقي، فربما يعترضه حاجزا ويعتقله بتهمة الفرار، ومن يدري ما سيجري له بعدها."
أم عدنان قررت "تسفير" ابنها بأية وسيلة، فالغربة ولا ذهابه للقتال في جيش النظام حيث محكوم عليه بالموت هناك.
هجرة الأبناء الصغار من أجل لمّ الشمل
علاوة على ذلك، هناك بعض العائلات وصل بها الحال إلى أن تجعل ابنها القاصر في العمر يهاجر إلى بلد أوروبي سعيا وراء ما بات رائجا اليوم وهو "لم الشمل".
قام "أبو أحمد" بدفع ابنه "خالد" 14 عاما، للهجرة إلى ألمانيا، يقول: "أصبحت قلقا مما يحدث كل يوم. لم أعد أستطيع تحمل هذا الضغط النفسي. أخاف على أوﻻدي عند ذهابهم للمدرسة ويبقى فكري مشغولا بهم لحين عودتهم. بات الخوف مزروعا فينا حتى أصبحنا ندرك أن لحظة خروجنا من البيت قد تكون اللحظة اﻻخيرة في حياتنا، ومن يعلم؟. لذلك قررت الرحيل، وكان ابني خالد أول الراحلين من العائلة".
وتجار الهجرة
دائما في كل حدث جديد هناك دائما من يقوم باستغلاله خدمة لمصالحه وأطماعه. فقد أصبح هناك ما يعرف بالمهربين والمجتمع الخاص بهم، وقوانينهم وأسعارهم كذلك الأمر. وقد يصل المبلغ، حسب كل حالة، إلى ما يقارب النصف مليون ليرة سورية، مقابل ترحيل أحد الشباب خارج البلد.
"أسامة" الذي طلب لخدمة اﻻحتياط منذ حوالي شهر ولم يستطيع السفر حتى اﻵن يشكو طمع المهربين: "أنا متزوج ولدي ولدان، طلبت للخدمة اﻻحتياطية منذ شهر، اضطررت لبيع أثاث منزلي بأكمله مقابل فرصة سفر لكنه لم يكن كافيا، فقد طُلب مني ما يعادل أكثر من 1200 دولار. لا أعرف ماذا أفعل، علي أن أدفع وأستدين وأبيع كل ما أملك كي أخرج من بلدي؟".
يبدو الوضع في مدينة اللاذقية مشابها للمدن الأخرى الواقعة تحت سيطرة النظام، لكنها هنا تأخذ بعدا سياسيا وطائفيا أكبر، فربما ستكون اللاذقية هي عاصمة دولة قادمة لأتباع النظام ومواليه. وهذا ما يعزز الخوف في نفوس أبنائها ويدفعهم جديا للتفكير بالهجرة خشية وقوع ما لا تحمد عقباه.