أخبار الآن | السويد – أوربا – (عادل سليمان)

تمتلئ صفحات المجلات والصحف العربية والغربية ومواقع التواصل الاجتماعي بالعشرات وربما المئات من المقالات والتحقيقات التي تتحدث عن اللاجئين السوريين ورحلاتهم باتجاه أوروبا.

وقد قرأنا الكثير عن معاناة الأطفال ومعاناة ذويهم، وشاهدنا عشرات الصور لأطفال كانوا ضحايا لهذه المحاولات، لكن نادرا ما نعرف عن شعور وتصورات الأطفال أنفسهم عن تجاربهم وماذ يفكرون ويخططون؟. وتأثير كل هذه التجربة المريرة على نمط شخصياتهم؟.

ولأن نسبتهم تتجاوز الـ 50% من تعداد اللاجئين، ولأنهم أحد الأسباب الهامة التي يقدم عليها الكبار في عمليات اللجوء و الهجرة، فقد توجّهنا لهم بعدد من الأسئلة للوقوف عند تحريتهم ومشاعرهم وطموحاتهم .

وفي طريق تحقيق هذا الاستطلاع البسيط مع الأطفال السوريين اللاجئين في السويد، قمنا بتقسيم الأطفال حسب أعمارهم، إلى ثلاث فئات كما يلي: "الفئة الأولى دون 8 سنوات، الفئة الثانية من 8 الى 12 سنة، الفئة الثالثة من 12 الى 18 سنة".

سوريا هي العائلة

لا يدرك الأطفال من الفئة الأولى "أقل من 8 سنوات" معنى اللجوء وترتبط الهجرة في نظرهم بغياب أحد أفراد العائلة، الوالد الوالدة الجدة وغيرهم من أفراد العائلة.

"ليلى" ابنة الست سنوات تقيم في السويد منذ ما يقارب العامين تشتاق إلى جدتها التي كانت تقضي معها معظم وقتها، بسبب انشغال والدتها، وإقامتها معها طوال انتظار عملية لم الشمل، تعتقد دائما بأن ركوب الطائرة يعني الذهاب الى سوريا ورؤية جدتها، ليلى سعيدة في السويد لكنها تقول أريد إحضار جدتي .

أما "هيثم" 8 سنوات، فأكثر ما يشغله حضور والده الذي لم يره منذ ما يزيد على العام، هيثم لا يريد العودة إلى سوريا، مازال يتذكر أصوات الرصاص بسبب الاشتباكات التي كانت تدور في الحي الذي يقيم فيه، يقول: "أحب المدرسة هنا فهي أجمل من مدرستي في سوريا، المدرسون دائما يبتسمون لنا" .

إدمان الألعاب الإلكترونية

في حديثنا مع الأطفال من الفئة الثانية "8-12 سنة" وجدنا أن كثرة التنقل كان له الأثر الواضح على علاقاتهم.

أحمد ابن العشر سنوات من مدينة دمشق يقول: "لا أريد ان أقيم صداقات جديدة حتى لا أخسرها، سننتقل من جديد وأخسر كل أصدقائي كما حدث من قبل". يقضي أحمد معظم وقته على جهاز الكمبيوتر، وتقول والدته: "فشلت كل محاولاتي في إقناعه بالتواصل مع الآخرين، لا يريد أصدقاء ولا يريد أن يفعل شيئا، أخشى ان يصبح مدمنا على الألعاب".

أما "علاء" 10 سنوات من مدينة حلب فقد وصل الى السويد منذ ما يقارب العامين، يقيم مع شقيقه وشقيقته، وهو متأقلم بشكل جيد مع محيطه، يجيد اللغة السويدية ويقول أنه مرتاح في مدرسته، لكنه حزين بسبب غباب والدته التي لم يرها منذ مغادرته لسوريا، يقول: "لا أحب السويد أريد العودة والعيش مع والدتي، وربما أعود بعد حصولي على الجنسية".

العودة إلى سوريا

وتختلف آراء الفئة الثالثة بحسب تجربتهم وظروفهم وطموحاتهم، وبالدرجة الأولى حجم المعاناة التي عايشها الفتيان من هذا العمر في أماكن تواجدهم في سورية.

"محمد" ابن مخيم اليرموك فلسطيني سوري عمره 16 عاما يقيم في السويد منذ ما يزيد على السنتين مع عائلته التي نجحت في الوصول بكامل أفرادها، و بالرغم من ذلك يريد العودة الى المخيم الآن: "لقد ولدت هناك وأريد العودة، أعلم ان المستقبل هنا، لكن المخيم وطني أريد العودة فقط، أريد أن أكون مع من نشأت بينهم".

أما "يحيى" وهو شاب من مدينة حلب لم يتجاوز الرابعة عشر فقد عانى الكثير ويتحمل أعباء كبيرة. فقد وصل إلى السويد وحيدا منذ قرابة العام بعد رحلة فيها الكثير من المعاناة، فقد سجن في مقدونيا وفقد الاتصال مع عائلته لأكثر من شهر.

يقول: "لا يمكنني التفكير في نفسي الآن، لقد عانى أهلي الكثير كي أصل الى هنا، كل همي الآن هو الحصول على الإقامة وجلب عائلتي بعدها يمكنك أن تسألني إن كنت أرغب في البقاء أو العودة الى سوريا" .

"ليلى" سبعة عشر عاما من مدينة دمشق لديها وجهة نظر مختلفة حول العودة الى سوريا تقول: "ربما أعود بعد أن أحصل على الجنسية السويدية، ماذا سأفعل في سوريا، هل أدرس في جامعة دمشق؟ ربما الحياة في سوريا أجمل لكن الفرص محدودة، ماذا يمكن أن أفعل هناك، هنا يمكنني الذهاب الى أي مكان. أنا لا أحب السويد كثيرا وليس في نيتي البقاء فيها، لكنها تفتح أمامي أوربا والعالم ".

 لا شك ان اللجوء ليس بالحدث العادي والذي يمكن تجاوزه بسهولة بالنسبة لنا كبالغين، فكيف هو الحال بالنسبة لأطفالنا، تشغلنا عنهم مصاعب التأقلم ضمن المجتمعات الجديدة وتحديات اللغة والمجتمع الجديد، نخشى عليهم من اختلاف الثقافة والدين وننسى معاناتهم لاعتقادنا بأننا أوصلناهم الى بر الأمان.  فهل فعلنا؟.

أحلام الأطفال اللاجئين السوريين في أوروبا .. سوريا التي في خاطري

أحلام الأطفال اللاجئين السوريين في أوروبا .. سوريا التي في خاطري