أخبار الآن | دمشق – سوريا (أنس المصري)
منذ إعلان قيامه قبل أكثر من عام وحتى اليوم، لم يشكّل داعش خطراً مباشراً على مناطق سيطرة النظام في العاصمة دمشق، كما لم يحدث أن اشتبكت قوات النظام بشكل مباشر مع عناصره في جبهات العاصمة.
ومع ذلك فإن الأخبار عن داعش يفرض نفسه بقوة على أحاديث الناس اليومية في العاصمة، كما أنه يشكّل ورقة سياسية لا يقصّر النظام في استخدامها ضدّ جميع خصومه السياسيين من المعارضة السورية.
قصص دمشقية عن داعش
في معظم الحالات تتوارد القصص الشعبية التي يتداولها سكّان دمشق عن داعش من خلال الأشخاص الذين يتنقلون بين العاصمة ومناطق سيطرته، أي داعش. وعلى الرغم من قلة عدد هؤلاء الأشخاص إلا أنّ قصصهم تنتشر بسرعة، وتتضخم في أوساط جمهور مستعد دائماً لسماع قصص من الضفة الأخرى.
من أهم هذه القصص التي تتداول باستمرار، هي الحديث عن النقاب النسائي متعدّد الطبقات والذي بات يباع في أسواق دمشق خصيصاً للمسافرات ويضررن إلى العبور من مناطق سيطرة داعش.
"محمود" بائع أقمشة في سوق الحريقة بدمشق، أوضح أنّه لا يعمل مباشرة ببيع النقاب النسائي متعدّد الطبقات الذي تشتريه النساء قبل السفر إلى مناطق سيطرة داعش، إلا أنّه أوضح أنّ كثيراً من جيرانه من البائعين يبيعون من هذا النقاب، مؤكداً على ازدياد الطلب عليه بدءاً من العام الماضي.
وعمّا إذا كان عناصر قوات النظام يدقّقون على بيع هذا النقاب، نفى محمود ذلك موضحاً أن النقابات والحجابات الشرعية تباع قبل بداية الثورة السورية، لكنّ الذي تغيّر الآن هو نوعية الزبائن. حيث أصبح من الرائج أن ترى فتيات غير محجّبات يترددن على السوق لشراء نقاب شرعي، معللاً ذلك بأن الفتيات يكنّ بصدد السفر عبر مناطق خاضعة لسيطرة داعش.
"أبو ياسين" سائق سيارة أجرة يروي قصة من عشرات القصص التي يقول إنه يسمعها يومياً من الزبائن الصاعدين معه: "مرة روى لي زبون قصة أثناء رحيله إلى دير الزور، على أحد حواجزهم صعد عناصر داعش إلى الحافلة التي كان جميع ركّابها قد أخذوا احتياطاتهم من محاذيره، لكنّ الجميع تفاجأ حين أتى العنصر إلى رجل عجوز يمسك بمسبحة، سحبها من يده موبّخاً، قائلاً إنها بدعة مرفوضة، كما هدّد الرجل العجوز بالجلد في المرة المقبلة".
يتابع أبو ياسين قائلاً إنه يسمع دائماً العديد من هذه القصص، لكنني لا أصدّق معظمها، ما يهمني هو متابعة عملي بهدوء وأمان.
شبهات داعشية
"جلال" يملك صالة حلاقة رجّالية في حي الصالحية يشرح أن "موضة" الدقن الطويلة التي كانت تشهدها دمشق متأثرة بالموضة العالمية بدأت بالتراجع بعد تعرّض العديد من الشبّان لمضايقات على حواجز النظام، من خلال اتهامهم ولو من خلال المزاح بالانتماء إلى داعش.
أمّا "سعيد" وهو ناشط مدني متخفّ في دمشق، فيؤكد على خطورة داعش على الثورة السورية، ولكنّه في الوقت ذاته يرى أن النظام يضخّم من صورته في صفوف المدنيين في دمشق لكسب تعاطفهم وتأييدهم له كقوة تحميهم من هجوم داعش.
داعش على حدود دمشق
على المستوى العسكري لا يشكّل داعش خطراً جدياً على العاصمة دمشق. فبعد المعارك مع جيش الإسلام وفصائل أخرى في الغوطة الشرقية استطاع مقاتلو المعارضة كبح جماح داعش في المناطق المحررة شرق العاصمة، ليبقى المنفذ الوحيد له هو سيطرته على أجزاء من مخيم اليرموك والحجر الأسود جنوب العاصمة والخاضعة أيضاً لحصار مشدّد من قوات النظام، كما تشهد تلك الأحياء اشتباكات متواترة بينه وبين الفصائل الأخرى.
لا تكمن خطورة داعش على المستوى العسكري المباشر بالنسبة للعاصمة، لكنّ حضوره الأخطر يكمن عبر منح النظام مبرّرات إضافية للتسلط على حياة المدنيين العالقين في أماكن سيطرته، لتضاف بذلك جريمة أخرى إلى جرائم داعش إذا ما احتسبنا الجرائم التي يرتكبها بحق المدنيين في أماكن سيطرته المباشرة في أماكن أخرى من سورية.