أخبار الآن | درعا – سوريا – (علي حسن)
عانى الشعب السوري في سنوات الحرب حتى الآن، صنوف القتل والتشريد والإهانة، وتفرغ شبابه الثائر إلى نشاطه الثوري المدني والعسكري على حد سواء. وأمام ماكينة الحرب الطاحنة، فقد شهدت معظم النشاطات المجتمعية تعطلا كبيرا في أداء مهامها ومتابعة وظائفها، كما هو الحال في قطاعات التعليم والسياحة والمراكز الثقافية ودور السينما وغير ذلك الكثير، ولم يكن قطاع الرياضة بمنأى عن الضرر.
كرة القدم .. درعاوية
وبات الشباب السوري اليوم في أمس الحاجة إلى ممارسة نشاطات ترفيهية تخفف من حجم المعاناة التي يمر بها، ولذلك قرر أبناء محافظة درعا كسر روتين الحرب، والتعايش مع الواقع الجديد معلنين عن انطلاق دوري لكرة القدم يضم فرقا متنافسة من مختلف مدن وقرى المحافظة.
أحد تلك الفرق المشاركة في هذا الدوري كان فريق بلدة نصيب، والذي يضم أفضل لاعبي البلدة. يقول "فراس الشريف" أحد لاعبي فريق نصيب ولاعب نادي الشعلة سابقا: "لقد كان قرار تشكيل هذا الفريق قرارا صعبا للغاية وأشبه بخيانة، فجميعنا يفكر في الحرب على الدوام، وقلما تجد بيننا من لم يتضرر من النظام السوري وممارساته الوحشية، لقد عودنا أنفسنا منذ بداية الثورة على النضال وألقينا وراءنا كل هواياتنا ونشاطاتنا الشخصية، لكن الأمر طال وأمام الكبت المعنوي الذي نتعرض له آثر كثيرون من أصدقائنا النزوح خارج البلاد، لقد شعرنا بالحاجة إلى ما يعيد لنا روح الحياة، وما يساعدنا على الاستمرار، حينها اقتضى الأمر حقا أن نلعب الكرة".
لقد ساهمت السنين الأخيرة في تقارب معظم أبناء مدن وقرى المحافظة من بعضهم، الأمر الذي سهَّل تشكيل دوري رياضي يجمع فرقاً من مختلف مناطق درعا.
يتابع الشريف: "نحن حقاً لا نهتم بالفوز والهزيمة، على الرغم من تعدد الفرق المشاركة في الدوري والمتنافسة فيما بينها، لكننا في جميع تلك الفرق نعتبر أننا فريق واحد يتدرب أفراده فيما بينهم، وبالتأكيد هنالك جوائز ومكافآت للفرق المتصدرة".
صعوبات واستمرار
من جهة أخرى، فقد تحدث محمد الرفاعي، لاعب في فريق صيدا لمراسل الآن، حول المصاعب التي تشهدها الفرق المتنافسة في إقامة دوري رياضي يجمعها في ملعب واحد، حيث يقول: "نواجه مشاكل في التنقل بين المدن والقرى المشاركة في الدوري، حيث تعجز معظم الفرق عن تأمين دعم مالي للمواصلات بين مناطق حوران المتباعدة، في ظل ارتفاع أسعار المحروقات إلى حد كبير في الآونة الأخيرة، فيما يقوم أفراد الفرق المتنافسة بالمساهمة بشكل تطوعي بتسديد تكاليف التنقلات والطعام رغم الظروف الصعبة التي يمر بها المدنيون من غلاء للأسعار وارتفاع نسبة البطالة".
لكن الصعوبات لا تتوقف على العامل المادي، حيث يحتل الخطر الأمني على حياة اللاعبين حيزا كبيرا من تخوفات المنظمين، لاسيما بعد تعرض مجموعات من الفرق المشاركة في الدوري إلى استهداف طائرات النظام السوري لها، في أحد ملاعب قرية "كحيل" شرق درعا، أثناء إقامة مباراة بين فريقين من الفرق المشاركة في الدوري: "ما أدى إلى وقوع إصابات متعددة بين صفوف اللاعبين، بعضها إصابات خطيرة، الأمر الذي دفع بنا إلى اتخاذ إجراءات وقائية مشددة للحفاظ على سلامة اللاعبين، كتغيير أوقات المباريات واختيار أوقات تتم بالهدوء النسبي، فضلا عن تجنب اللعب في الأماكن المفتوحة والمكشوفة للطيران".
يُذكر أن مجموعة من الرياضيين الأكاديميين قاموا بتشكيل ما سموه الاتحاد الرياضي الحر في الداخل السوري المحرر، والذي عمد إلى تجميع الرياضيين وهواة كرة القدم في نواد رياضية متوزعة في مختلف المناطق السورية بهدف تنظيم نشاطهم وتأطيره، واستثمار المهارات الكامنة في لفت أنظار المؤسسات الرياضية الدولية في محاولة تبني الشباب الرياضي الحر، وقد استطاع الاتحاد ضم أكثر من 1800 لاعب حتى شهر تموز من هذا العام، حيث يسعى الاتحاد إلى تشكيل دوري سوري يضم صفوة الفرق والأندية المتوزعة بين المحافظات، يعمد من خلالها إلى إعداد منتخب سوريا الوطني بكرة القدم صيف العام القادم.