أخبار الآن | عنتاب – تركيا – (ميساء الحمادي)
بعد قيام الثورة السورية وما أفرزته من توزع للسوريين على الدول المجاورة بأعداد كبيرة هربا من عنف النظام المتزايد، باتت تركيا تمثل الوجهة المثلى للعائلات السورية نظرا لما توفره من مساحة في التحرك وإمكانية قيام مشاريع تستهدف المواطن السوري.
تتزايد أعداد الشباب والفتيان السوريين في تركيا يوما بعد يوم، وهو ما دعا الكثير من المؤسسات والتجمعات إلى إيجاد برامج مختلفة تستهدف هذا القطاع الذي يُعول عليه في بناء سورية الحرة القادمة.
تعددت المؤسسات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني هنا في تركيا، فمنها من لم تستطع إكمال عملها وبرامجها ومنها من عقدت اتفاقيات شراكة مع مؤسسات أخرى ومنها المؤسسات الناشئة التي لا تزال تقوم بدورها حتى اليوم.
مؤسسة "درب"
للوقوف عند أهداف وآليات تلك المؤسسات استهدفنا القيام بتحقيق حول مؤسسة باتت تجمع في نشاطاتها الكثير من الشباب في فئات عرية مختلفة، هي مؤسسة "درب" التي مقرها، كما حال المنظمات الأخرى، مدينة غازي عنتاب التركية.
تقوم مؤسسة "درب" على فرة رئيسية وهي زرع مفاهيم السلام والعيش المشترك بين السوريين على اختلاف انتماءاتهم ومشاربهم المختلفة. وفي حديث مع مدير المؤسسة السيد "راشد الراشد" يقول أن اختيار اسم درب جاء نتيجة رغبة السوريين باختيار طريق محدد يوصلهم لبر الأمان في عيشهم المشترك، وهو أيضا ترجمة لروح المؤسسة التي تعني في اللغة الانكليزية "رفع الوعي وبناء الجسور".
ويضيف الراشد: "إن من أهم أهداف هذه المؤسسة بناء جسور السلام وإيجاد منصة حرة للتعبير عن رأي الأفراد أيا كان انتمائهم السياسي والديني والعمل على تمكين هؤلاء الأفراد داخل المجتمعات الجديدة التي أقاموا فيها".
البرامج والمستهدفين
تستهدف برامج مؤسسة درب الفئات العمرية المختلفة وفق تسميات متعددة:
برنامج "أفلاطون" ويستهدف الأطفال من 8-12 سنة وهو يعمل على اكتشاف الذات والمحيط وإكسابهم مهارات التطوير.
برنامج أفلاطين للعمر من 14-18 سنة ويقدم مهارات اكتشاف الذات والمحيط والإدارة المالية البسيطة. ويقدم نشاطات لهؤلاء الشباب منها "إقرأ" الذي يقوم على إعارة الكتب مجانا، وغيّر بفكرك، والكورال الموحد، وأهلية بمحلية، ولأول مرة في غازي عنتاب نادي موسيقي وأيضا نشاط خاص في يوم اللاجئ العالمي .
مبادرة للكبار 18-25 سنة تعتمد موضوعات نقاشات الهوية والاختلاف، العنف والسلام والتحري الايجابي .
وتتعاون المؤسسة مع عدد من المنظمات الأخرى مثل بيت الرقة لكل السوريين ومركز رعاية الأسرة والكتلة الديمقراطية والجمعية التركمانية.
صعوبات وعوائق
يقول الراشد: "من أكثر الصعوبات التي واجهت مؤسستنا هو عدم تقبلها من المنظمات الأخرى التي وصلت إلى حد الهجوم علينا بسبب المبادئ اللتي ننادي بها وهي عدم النظر إلى موقف الناس من الحرب الدائرة في سورية".
أمامن الناحية المالية فيقول مدير المؤسسة أنها قد بدأت عملها دون تمويل وتعتمد على الجهود البشرية التطوعية، وذلك قبل أن يتم تبنيها من قبل منظمات المجتمع المدني في الخارج.
تطمح برامج المؤسسة إلى استهداف الشباب السوريين في مخيمات اللجوء التركية، إذ أنها تعاني من مشكلات اجتماعية جمة، لذلك سيستقدمون إلى ورشاتهم بعض الشباب من تلك المخيمات وتدريبهم وتنمية قدرتهم على نشر الوعي في تلك المخيمات.
ورشات مستمرة
أثناء وجودنا كانت هناك ورشة حول القضايا القانونية التركية وكيفية تعامل اللاجئ السوري معها. وقد كان هناك حضور من السوريين من كافة المدن التركية ومن كافة الأطياف في سورية.
التقينا ببعض الشباب المتواجدين للتدريب قادمين من مدينة العثمانية ومدينة أورفه، وقد سبق لهم التعاون مع "درب".
وقد أجمع الشباب في الحلقة التدريبية على مقدار الفائدة الكبير الذي يحصلون عليه من حضور هذه الورش إذ، كما يرون، تكسبهم طرق ومهارات المواطنة والقيادة المجتمعية وتوعية الأفراد بحقوقهم القانونية كلاجئين داخل تركيا والدعوة إلى اللاعنف وآلياته. حيث يعودا ويقيموا مثل هذه الدورات في مدنهم تحت رعاية "درب" وبالتنسيق معها في الأمور اللوجستية.
درب منذ تأسيسها في الشهر السادس من عام 2013 كانت وما زالت تعمل على سياسة نبذ العنف بكل أشكاله وجهاته، وتوجه اهتمامها إلى الفرد وما يستطيع فعله وتوظيف طاقاته لبناء مستقبل أفضل وفكر يتقبله جميع السوريين والعمل على أن يعيشوا بسلام.