أخبار الآن | حلب – سوريا (بهاء الحلبي)

في ظل ظروف صعبة وقلة في الكوادر التعليمية تعاود المدارس في حلب فتح أبوابها من جديد،  بعد إغلاقها في العام الماضي نتيجة القصف المكثف على المدارس والأحياء السكنية وارتكاب النظام عدة مجازر بحق الأطفال الذين كانوا يتعلمون في مدارسهم. ومن أبرز تلك المجازر التي تعرضت لها المدارس كانت مدرسة "سعد الأنصاري" وروضة حي "سيف الدولة" إذ لا تزال حاضرة في ذاكرة الحلبيين، مجازر ارتقى على إثرها عشرات الشهداء من الأطفال والمعلمات.

فتح المدارس تحد للنظام

السيد "محمد أبو يزن" مدير مؤسسة "قبس" للتربية والتعليم يقول: "الإصرار على افتتاح المدارس رغم قصفها يأتي لعدة أسباب أهمها الحاجة لاستمرار تعليم الأطفال واحتضانهم، وهو دليل على أن الشعب السوري شعب ينبض بالحياة، فالنظام يتعمد من قصفه للمدارس والمشافي إيقاف عجلة الحياة عن الدوران في المناطق المحررة ولكنه يفاجئ دائما بإرادة الناس التي هي أقوى من الدمار. فقد صُقلت نفوسهم في سنوات الثورة الصعبة؛ فهؤلاء بقدر عشقهم للحرية مستعدون لبذل الغالي والرخيص ليؤكدوا استمرارهم وسمو رسالتهم ولنا في مدرسة "عين جالوت" التي قصفت مرتين ثم عادت لفتح أبوابها أسوة حسنة".

وعن تحويل المدارس من المباني الرسمية إلى مدارس داخل شقق منزلية بعد تعمد النظام استهداف المباني الرسمية، حيث تم تدمير عدد كبير منها، يقول "أبو يزن": "لاقت الفكرة رواجا كبيرا، فالطريقة الأفضل للحماية هي افتتاح المدارس في الأقبية والملاجئ فهي أكثر أمنا وتعطي الشعور بالارتياح للمدرسين والطلاب والأهالي، وحتى بعض الداعمين أصبحوا يفضلون أن تكون المدارس في الملاجئ حتى يتقوا شر القصف".

ويرى الطالب "ياسر" ورفاقه في مدرسة "شهداء طريق الباب" بأن حب الدارسة والعلم لم يمنعهم من الذهاب للمدرسة بالرغم من وداعهم لرفاقهم: "نتيجة القصف الذي طال المدينة ومدارسها والخطر الذي يرافقنا في كل صباح حين نسمع صوت القصف والطائرات التي تقصف حلب. نحن نطمح بمدارس مخدمة أكثر وصالحة للدارسة ونحن سعداء باهتمام المدرسين".

المناهج التعليمية

تعتمد المدارس في مدينة حلب حاليا على المنهاج السوري المعدل، وهو نفس المنهاج الموحود في المدارس التي تقع تحت سيطرة النظام، لكن جرى حذف كل ما يتعلق بتمجيد النظام بشكل مباشر أو غير مباشر.

يقول "أبو يزن": "هو منهاج جيد ومناسب للمرحلة الحالية كوننا لا نستطيع وضع منهاج جديد بسبب قلة الموارد المادية والكوادر، ولكن نعاني من مشكلة قلة طباعة هذه الكتب وتأخر وصولها للمدينة وهي في غالب الأحيان تصل بعد بداية العام الدراسي بمدة مما يسبب إرباكا للمدرسين".

ويرى أبو يزن أن الوضع الدراسي مقبول ضمن الإمكانات المتاحة وفي ظل ظروف المناطق المحررة. فمستوى التعليم جيد في المدينة وهو أفضل مما كان عليه في عهد النظام وهذا بشهادة الكثير من الخبراء والمتابعين. ولكن هناك العديد من الصعوبات أهمها قلة المدرسين المختصين وعدم وجود الدعم لكثير من المدارس، فمعظم المدرسين يعملون بشكل تطوعي، وأيضا ندرة وجود الوسائل التعليمية في المدارس ولكن تعمل الكثير من المؤسسات على توفير دورات تدريبية لمدرسيها لرفع مستوياتهم وتعزيز قدراتهم للنهوض بالعملية التعليمية بشكل مستمر.

مدارس حلب في عودتها .. إرادة الحياة تحت القصف

مدارس لذوي الاحتياجات الخاصة

في مدينة حلب أيضا افتتحت مدارس لذوي الاحتياجات الخاصة رغم ما تعانيه المدينة. "أم صبا" معلمة في مدرسة "الربيع العربي" لذوي الاحتياجات الخاصة تقول بأن المدرسة  فتتحت رغم صعوبات القصف المستمر وارتكاب مجازر بحق الأطفال في السنة الماضية وهذا ما يشكل خطراً من تكرار الأمر في هذا العام، وتتمنى تأمين الملاجئ وقت الضرورة.

وأكدت "أم صبا" بأن تدريس هذه الشريحة من الاطفال متعبة جداً وتحتاج لرعاية خاصة، وأضافت تضم المدرسة الطلاب من عمر الخامسة حتى الثامنة عشر ويتم تدرسيهم حسب حالات الإعاقة، فالخفيفة منها  يتم تدرسيهم الأحرف العربية والإنكليزية والكلمات العربية ومبادئ الرياضيات وأما الكبيرة منها فهم يتلقون دروسهم من خلال الرسم والتلوين والمكعبات والمعجون والصور ويتم تأمين ما يحتاجون اليه من قرطاسية وملابس ووجبات فطور صباحية.

انخفضت أعداد الطلاب في المدرسة نتيجة المجازر المتكررة حيث كانت في السنة الماضية "35" والآن انخفض العدد إلى "20" طالباً.

إن حالة الاهتمام الملحوظة بالطلاب من قبل الكوادر التدريسية في الداخل المحرر هو أكثر ما يميز التعليم في الوقت الحالي عن العملية التعليمية في ظل عهد النظام السابق، وكذلك في  عهد "داعش" الذي أغلق جميع المدارس في مناطقه وبدأ بإجبار الأطفال على الالتحاق بالدوارت الشرعية ليزرع في عقولهم مبادئ الإرهاب.

وبرغم ضعف  الكوادر التدريسية وانعدام الاختصاصات بسبب هجرة الكثير من المدرسين إلا أن  الجهود المبذولة في هذا المجال تحاول تعويض النقص الموجود في سبيل بناء جيل يدرك ويعي معنى الحرية.