أخبار الآن | ريف إدلب – سوريا (ابراهيم الاسماعيل)
استطاعت الإدارات المدنية في المناطق المحررة بعد أربع سنوات من قيام الثورة السورية الاعتماد على التسيير الذاتي في تنفيذ المشاريع الخدمية وتقديم العون للمواطن السوري، وذلك بعد فراغ المؤسسات المعنية ذات الشأن من إدارييها بعد التحرير.
تجلت هذه الأعمال في إحداث المجالس المحلية واللجان المدنية المشكلة في المناطق المحررة، والتي كانت تعتمد في تسيير عملها على الدعم المقدم من إدارة المجالس المحلية. وقد استطاعت تنفيذ عدة مشاريع خدمية على صعد عدة، كالتعليم والكهرباء والمياه والنظافة.
برنامج تمكين
يعد برنامج "تمكين" متمماً لهذه الاعمال ومساعداً لها، فقد أنشأت منظمات بريطانية في مطلع العام الماضي برنامج عمل منظم يخدم المواطن السوري ويقدم له الخدمات الضرورية والأساسية ضمن خطة عمل مقسمة ومحددة بالأولويات.
انتشرت اللجان التابعة لبرنامج تمكين في مناطق ريف إدلب وريف حماه وريف حمص، وتوزعت اللجان بشكل أكبر في قرى وبلدات ريف إدلب حيث تم تشكيل لجنة في كل قرية ومنطقة، وُظف فيها عاملون من أهالي البلدات على حسب خبراتهم ومهاراتهم في العمل.
وفي لقاء خاص مع السيد "عبد المنعم" أحد أعضاء لجنة تمكين في بلدة "معرة حرمة" في ريف إدلب ذكر لأخبار الآن كيفية عمل برنامج تمكين واللجان التابعة له: "يقدم برنامج تمكين منحاً للمجتمعات المحلية السورية لتنفيذ مشاريع صغيرة، ويتم التخطيط للمشاريع عن طريق قائمة من الخيارات وتدعى "باقة الخدمات الأساسية" وتشمل خمسة قطاعات وهي: البنية التحتية والصحة العامة والتعليم والمعيشة والانتعاش الاقتصادي والادارة الرشيدة، وتهدف المشاريع في باقة الخدمات الأساسية إلى إعادة تفعيل تقديم الخدمات في المجتمع، كما تتضمن أيضا مساعدة مباشرة للمجالس المحلية، ويمكن للمجتمعات أن تختار أية مشاريع من ضمن قرابة خمسون خيارا مختلفا ومرنا للغاية شريطة أن يتم تصميم تلك المشاريع بطريقة ملائمة وتنفيذها باستخدام مبادئ الادارة الرشيدة".
آلية تنفيذ المشاريع
لضمان شفافية العمل وتنفيذ المشاريع بدقة متناهية عمد البرنامج الى اتباع خطة عمل موحدة في كل المناطق، حيث يبدأ أولاً بدعوة أهالي البلدات أو المناطق المستهدفة لاجتماع عام يناقش فيه أعضاء "لجنة تمكين" مع الأهالي المشاريع الضرورية التي يحتاجونها مع مراعاة أولوية المشاريع الضرورية.
ثانياً يتم الاتفاق على مشروع خدمي وبعدها يقوم المكتب المكلف بدراسة المشروع بشكل كامل وحساب تكاليفه بدقة ويقدم المشروع إلى مكتب التنسيق في تركيا والذي يقدمه بدوره لإدارة البرنامج.
وبعد الموافقة على المشروع يقوم المنسق الميداني الخاص بالبرنامج بالتواصل مع المورّد صاحب المواد اللازمة بعد اختياره ضمن مناقصة عمل يتم طرحها على الموردين في المناطق القريبة.
توقع العقود بشكل منظم وقانوني ويتم الدفع للمورد من المصدر مباشرة "برنامج تمكين" دون الحاجةإالى التراتبية في نقل المبالغ المالية من أجل السرعة في التنفيذ وضمان الدفع دون حدوث اختلاسات أو سرقة من قبل أصحاب النفوس الضعيفة، على حد وصف أعضاء لجنة تمكين في بلدة معرة حرمة.
المشاريع المنفذة
يهتم برنامج "تمكين" بالمشاريع الخدمية التي تنفذ لمرة واحدة كترميم المدارس المهدمة أو تعبيد الطرقات أو إعادة تهيئة آبار المياه وإصلاح المولدات الكهربائية، كما تعمل اللجان على تنفيذ مشاريع مستمرة ودائمة وذات مردود مادي يضمن استمرارها، فبعد مدة لا تتجاوز الستة أشهر من تشغيل المشروع الربحي تسحب "تمكين" رقابتها عن العمل ويتوقف تقديم الدعم المالي ويتابع المشروع عمله بشكل ذاتي كالأفران أو المطاحن أو الأراضي الزراعية.
بعض العاملين في اللجان الفرعية يعملون بشكل تطوعي دون مقابل، أما الموظفون المعتمدون فيتقاضون تعويضات مقابل أعمالهم، فأغلب المتطوعين هم من الناشطين في العمل الإغاثي في البلدات ويقدمون جهودهم لخدمة أهالي بلدتهم وتأمين ما استطاعوا لسد النقص الحاصل بشكل مستمر.
مشاريع قادمة
يسعى البرنامج لرعاية المشاريع الكهربائية ففي ظل الانقطاع المستمر للكهرباء في المناطق المحررة ظهرت المولدات الكهربائية ذات الاستطاعة الكبيرة والتي تحتاج لمبالغ مالية كبيرة تزيد عن الـ 50 ألف دولار من أجل إيصال الكهرباء لكل بيت في البلدة، حيث تعتبر هذه المشاريع من المشاريع الهامة جدا للأهالي ولكن القيمة التشغيلية الكبيرة تجعل من المستحيل تنفيذها بشكل فردي.
ومع استمرار هذه الأعمال وغيرها بات من الممكن الحديث عن إدارة مدنية جادة تضم فئات الشعب كافة وتؤمن المستلزمات الأساسية للمواطن السوري دون الحاجة لاستغلال النظام واحتكاره أو ربما التحسر على خدماته القليلة السابقة.