أخبار الآن | درعا – سوريا ( أسامة زين الدين)

"أجدادنا صنعوا التّاريخ وكتبه غيرهم، في سوريّة اليوم نصنع التّاريخ ونكتبه، نريد لذاكرة الأمة أن تبقى يقظة ونريد للأجيال القادمة أن تنظر عظمة ما فعله شعبنا وعظمة ما واجهه من تحديّات وآلام وعقبات".

كان هذا هو الدّافع الأساسيّ للباحث السّوري "د. شادي كسكين" المنحدر من مدينة إدلب، الذي دفعه لأن يبادر لتوثيق الثّورة، بأحداثها ومجرياتها، وتفاعلاتها المحليّة والإقليميّة والدوليّة.

بدأ العمل على مشروع التّوثيق بجهد فردي في بداية الثّورة عبر سلسلة مقالات حملت اسم يوميّات الثّورة السوريّة، تحوّلت في نهاية عامها الأول لكتاب يحمل نفس الاسم، ثم لموسوعة ضخمة تبنّتها دائرة الدّراسات والتّوثيق في تيّار العدالة الوطنيّ.

تطوّر العمل على المشروع

يقول الدكتور شادي كسكين للآن أن العمل في سلسلة كتاب يوميّات الثّورة حتى تاريخ هذا اللّقاء وصل إلى المجلّد السّادس والثّمانون بعد المائة، ومع نهاية هذا العام سيكون قد أكمل المجلد رقم 200 وبالتّالي نتحدث عن ما لا يقل عن 100 ألف صفحة من الحجم الكبير، تغطّي الأحداث منذ انطلاقة الثّورة حتّى نهاية العام الجاري.

ويضيف: "علّمنا التّاريخ كيف تُسرق الثّورات، وتُنهب التّضحيات وإذا كنا اليوم ونحن في قلب ملحمة الثّورة نرى شيئاً من ذلك، فكيف إذن سيكون الحال بعد عقود من الزّمان!".

يُعنى الكتاب بمتابعة وتوثيق الأحداث اليوميّة للثّورة سواء أكانت مدنيّة أم عسكريّة أم سياسيّة أم صحفيّة، إضافة للمقالات والتّحليلات وقوائم الشّهداء والمعتقلين. وهناك إضافة لهذا الجهد جهود أخرى تتكامل مع الكتاب، من قبيل كتب مصغّرة لتوثيق الشّهداء والشّهيدات والأطفال، وحكايات الثّورة وقتلى النّظام وشبّيحته.

إصدار الكتاب وتحدّياته

لم يتح للكتاب حتى الآن النّشر بشكله النّهائي نظرا لاستمرار العمل عليه، وكبر حجمه، والعبء الهائل لتكاليف طباعته ونشره، وضرورة وجود مؤسّسات بإمكانيات مادية كبيرة لتبنيه.

طبع الجزء الأوّل من الكتاب بأعداد كبيرة وتمّ تخصيص ريعه لمشاريع إغاثيّة تعود للشّعب السوري. كما طبعت عدّة نسخ محدودة من بعض الأجزاء الأخرى للكتاب وتم عرضها في معرض فرانكفورت للكتاب. بينما يستمر النّشر الالكتروني لباقي أجزائه لحين توّفر جهة تتبنّى نشره ورقيا.

كأغلب المشاريع الثّورية يعاني فريق العمل من بعض الصّعوبات في إنجازهم لهذا العمل الضّخم، فصعوبة الوصول للمعلومة الدّقيقة بلا اختزال أو تهويل، والجهد التطوّعي الكامل لفريق العمل مع ضغوط التزاماته الأخرى، وعدم اكتراث البعض وإدراكهم لأهميّة المشروع رافقتهم طيلة سنوات عملهم فيه

محاولات توثيق الثّورة

شهدت الثّورة السوريّة عدّة محاولات توثيقيّة متنوّعة بعضها فرديّ وبعضها مؤسّساتي تبنّته مراكز أبحاث معروفة، كان أبرزها إصدار الدّكتور عزمي بشارة كتاب "سورية درب الآلام نحو الحرية، محاولة في التّاريخ الراهن" الذي يوثّق ويحلل للسّنوات الثّلاث الأولى من الثّورة، ووجدت عدّة محاولات لتوثيق وتحليل أحداث حصلت في مدن معيّنة أبرزها كتاب "حمص: الحصار العظيم" الذي يوثّق مجريات ستمئة يوم من حصار حمص للكاتب وليد الفارس. كما وجدت دراسات هائلة عن قضايا معينة في الثورة السورية لكتّاب وباحثين سوريين وأجانب