أخبار الآن | درعا – سوريا – (علي حسن)
على مرِّ العامين الأخيرين، شهدت معظم المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار في محافظة درعا انقطاعاً متكرراً للتيار الكهربائي، فيما شهدت بعض تلك المناطق انقطاعاً مستمراً للكهرباء لفتراتٍ طويلة، استمرت في بعض الأحيان إلى ثمانية شهور متواصلة، كما حصل في الريف الغربي من محافظة درعا.
غياب الكهرباء والبحث عن بديل
يذكر محمد أبازيد، مواطنٌ من درعا البلد، أنَّ قطع الكهرباء يعود إلى التصعيد العسكري الذي يتسبب في كثير من الأوقات إلى تضرر المحولات الكهربائية، وقطع الخطوط والأسلاك الكهربائية، بعد إصابتها بشكلٍ مباشر بقذائف النظام وصواريخه، فيما يتطلَّب إصلاحها وقتاً كبيراً، وورشاتٍ كهربائية مختصة قلَّ توفرها، فضلاً عن صعوبة تأمين الآليات والقطع اللازمة لإصلاح الأعطال الكهربائية، مشيراً إلى أنَّ وضع الكهرباء في المناطق التي لا تشهد أعمالاً عسكرية ليست أفضل حالاً، فالتقنين المتبع من قبل مديرية الكهرباء في درعا على جميع المناطق المحررة، يكون في معظمه ستة ساعاتٍ متواصلة من الانقطاع مقابل ساعة واحدة من الكهرباء.
وأضاف أبازيد: "أمام عتمة الليل وحرِّ الصيف وعزلتنا عن العالم الخارجي وأخباره، لم يكن باستطاعة المواطنين القبول بهذا الوضع العصيب، وفيما استنزفت المولِّدات الكهربائية قدراتنا وأموالنا، لاسَّيما بعد ارتفاع أسعار المحروقات إلى سقف إمكانيات المواطنين، كان البحث عن مصدرٍ بديل للتيار الكهربائي في مقدمة أولوياتنا، لنجد مؤخراً أنَّ ألواح الطاقة الشمسية تُمثل البديل المثالي والأنسب لنا".
وأفاد لمراسل الآن، المواطن أحمد سويدان من بلدة الجيزة شرق درعا، أنَّه تخطِّى مشكلة انقطاع التيار الكهربائي في بلدته من خلال شراء لوحين من ألواح الطاقة الشمسية، باستطاعة 200 أمبير لكل منهما، إضافة إلى بطاريتين أسيد سعة كل منهما ‘‘أمبير’’، ورافع للجهد باستطاعة 2000 أمبير، بتكلفةٍ وصلت إلى 300 ألف ليرة سورية.
ويرى أحمد أنَّ ألواح الطاقة الشمسية حلّت مكان التيار الكهربائي بشكل كامل، حيث تقوم طاقتها بتشغيل منزله طوال اليوم بما يحويه من الإنارة والأدوات الكهربائية المنزلية كالتلفاز والبراد والحاسب المحمول، فيما يقوم أحمد بقطع الكهرباء عن التلفاز والبراد عند استعمال الغسالة اليدوية، والتي استعاضوا بها عن غسالة الأوتوماتيك بعد استمرار انقطاع الكهرباء عن البلدة، حيث تصل الكهرباء عبر برنامج التقنين ضعيفةً في أغلب الأحيان، ولا يمكن تشغيل الأدوات الكهربائية المنزلية الأساسية عليها.
التحول إلى الطاقة الشمسية
ويدرس مسؤولو الهيئات الخدمية في المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار إمكانية تحويل كهرباء المنشآت الثورية والمشاريع الخدمية إلى الطاقة الشمسية كطاقةٍ بديلة عن شبكة الكهرباء الرئيسية، وذلك بعد أن عجزت معظم الهيئات المحلية الناشئة عن تحمُّل تكاليف الوقود والمحروقات لتشغيل مشاريعها وتسيير أمورها، وقد نجحت إحدى تلك الهيئات في تشغيل بعض الآبار في قرى وبلدات ريف درعا الغربي من خلال كهرباء الطاقة الشمسية.
حيث كلّف مشروع تشغيل أحد الآبار 300 ألف دولار أمريكي بتشغيلٍ مستمر على مدار 12 ساعة, لاستخراج وجرِّ مياه الشرب على الطاقة الشمسية إلى الخزانات الرئيسية ومن ثم إلى منازل المدنيين، حيث كان يحتاج البئر لكل ساعة تشغيل على المولّدات الكهربائية التي تعمل على مادة المازوت 70 دولاراً كل ساعة تشغيل، مع الإشارة إلى أنَّ البئر الواحد كان يجب أن يعمل بشكل يومي لمدة 10 ساعات متواصلة على الأقل لتأمين احتياجات السكان اليومية من مياه الشرب، وهذا يعني توفير مبلغ 700 دولار يومياً.
وعن نجاح تلك العملية في توفير بديلٍ مجاني ودائم للطاقة الكهربائية، يقول "محمود قطيفان" مدير الهيئة التعليمية في درعا: "لقد أثبتت هذه العملية نجاحها، وساهمت في توفير آلاف الدولارات التي كانت تنفق شهرياً على المولدات الكهربائية بهدف استخراج مياه الآبار".
وحول استفادة الهيئة التعليمية من تلك التجربة يقول محمود: "لقد أصبحنا نفكر بشكل جدّي في الاستعاضة عن المولدات الكهربائية بألواح الطاقة الشمسية من أجل تشغيل الكهرباء في الصفوف المدرسية، وقاعات الحواسيب، والغرف الإدارية في جميع مدارس الهيئة، وبعد أن تكتمل لدينا الحسابات المالية لهذه العملية سوف نُقدم بالتأكيد على شراء ألواح الطاقة وتركيبها".
وأشار القطيفان إلى أنَّ الطاقة الشمسية طاقة نظيفةٌ ومتجدّدة ولا تنضب، وإذا أمّنا عدداً كافياً من الألواح، فإنّنا نستطيع تأمين الاكتفاء الذاتي من الكهرباء بحدوده الدنيا، داعياً مدراء الهيئات الخدمية وأصحاب الأعمال الحرة للإقبال على هذه طاقة الشمس ‘‘الرحيمة’’ على حد وصفه، مشيراً إلى أنَّ معظم آبار النفط والغاز دمّرت وسُرقت من قبل النظام وغيره، وأغلب محطات توليد الكهرباء أصبحت خارج الخدمة، ولم يبقَ أمام الشعب السوري خيارُ سوى الاستفادة القصوى من الطاقة الشمسية المتجددة والنظيفة.