أخبار الآن | ريف اللاذقية – سوريا ( جمال الدين العبد الله)

يعيش ريف مدينة اللاذقية، جبل التركمان، بمأمن عن طائرات وقصف النظام بسبب عدم قدرة وصول طائرات ومدفعية النظام السوري إليها، لوقوعها على الحدود السورية-التركية.

وباتت تلك المناطق مكانا لتجمع الكثير من العائلات النازحة إليها من المدن والقرى القريبة. لكنها في الوقت ذاته تعاني من صعوبات كثيرة في تفاصيل الحياة اليومية، مما يجبر الأطفال في سن التعليم إلى ترك الدراسة ومساعدة أهاليهم في أعمال خدمية تؤمن وضعهم اليومي.

النزوح والاستغناء عن المدرسة

خالد وأخته هبة، من السكان الجدد في قرية "اليمضية" التابعة لمنطقة جبل التركمان، التي أصبحت ملاذاً آمناً وإحدى أكبر تجمع للمخيمات في سوريا.

هرب الطفلان مع عائلتهما من قريتهما في ريف جسر الشغور بعد أن دمرت القذائف الفراغية لطائرات الميغ بيتهم المتواضع، فما كان منهم إلا النزوح لمنطقة والعيش في خيمة مصنوعة من الأخشاب والقماش.

يقول خالد "8 سنوات": "كنت في الصف الثاني الابتدائي في قريتي، لم أذهب على المدرسة هنا، في المخيمات هنالك ما هو أهم من الدراسة: إحضار الحطب المتوفر من الغابات المحيطة بالمخيم(التي سلمت من الحرائق) للطهو عليها بعد ارتفاع أسعار المحروقات، ولتخزين الفائض قرب خيمتنا من أجل الشتاء، والدتي تصحبني يومياً إلى خزان المياه قرب المخيم لتعبئة حاجتنا منها كمعظم أهالي المخيم، بينما يعمل والدي في بناء الغرف البسيطة للمقتدرين مادياً علَّه ذات يوم يدخر ما يكفي لبناء غرفة لنا تقينا حر الصيف، وبرد وأمطار الشتاء".

أطفال عمال

بينما يقوم علي وأصدقائه بشكل يومي ومع شروق الشمس بحمل أكياسهم البلاستيكية سعياً وراء رزقهم، وذلك بعد أن أصيب والده بشظية أقعدته عن العمل بشكل دائم، مما ألقى على كاهل علي الصغير عبئاً يفوق سنه بتحمل مسؤولية كبيرة أقعدته بدوره عن الدّراسة.

يقول علي: "بعد أن أصيب والدي وتم نقلنا من قريتنا إلى إحدى الخيم بقيت مع أخي الصغير وأمي نعتمد على المعونات الغذائية التي تقدم بشكل غير منتظم، فقررت العمل بجمع العبوات البلاستيكية والمعدنية التي يتخلص منها الناس على جوانب الطريق، أحمل وأصدقائي أكياسنا البلاستيكية ونسرح صباحاً لنعود قبيل الغروب لبيع الكيلوجرامات القليلة من البلاستيك والعلب التنكية الفارغة التي استطعنا جمعها على مدار اليوم، قد نسمع خلال يومنا بعض الإهانات، وقد نتلقى بعض هبات المحسنين، ولكن هذا العمل أفضل من الجلوس وانتظار قِفَّة مملوءة بالطعام تنزل من السماء!".

بينما "أحمد" ذو العشرة سنوات الذي نزح مع عائلته مؤخرا فشأنه شأن معظم الأطفال القاطنين في المنطقة، كُسرت يده بعد أن سقط من إحدى الأشجار التي كان يحاول اقتطاع أغصانها اليابسة، لم يعد بإمكانه مساعدة عائلته في أعمالهم اليومية.

يقول أحمد: "بعد أن كسرت يدي لم أعد استطيع مساعدة والدي في العمل، فأمضي أغلب يومي باللعب مع أقراني وفي مراقبة السيارات والأطفال الآخرين، أحيانا يأتي إلى مخيمنا بعض مسؤولي المنظمات الإغاثية ويلتقطون معنا الصور التذكارية بواسطة (عصا السيلفي) التي ابتكرت واحدة مثلها غير أنها تحتوي على عجلة صغيرة أركض بها رغم تحذير الطبيب لي من الحركة إلى حين نزع الجبيرة الطبية".

يمضي الأطفال هنا يومهم وهم يحلمون بغد قريب يرتاحون فيه من الهموم التي ركبتهم باكرا والعودة لاستعادة الطفولة المفقودة. وعلى طول البلاد وعرضها يعيش أطفالنا في ظروف متشابهة من القهر بدرجات متفاوتة، ربما تشرق شمس الحرية وتعيد إليهم ما بقي من معنى الوطن والحرية.