أخبار الآن | الرقة – سوريا – (عزام الحاج)
أعلن اثنان من أعضاء المجلس المحلي لبلدة تل أبيض اليوم انسحابهما من عضوية المجلس الذي كان أُنشيء بمبادرة من ناشطين ثوريين من أبناء هذه المنطقة بتاريخ 19 أيلول 2012 حال تحريرها وطرد قوات النظام السوري منها.
خلافات وانسحابات من المجلس المحلي
وبينما اكتفى السيد أحمد الحاج صالح بالتبليغ عن استقالته علناً عبر الفيسبوك دون ذكر أسبابها، فقد عزا السيد أنور المحمد الخضر انسحابه من عضوية المجلس إلى "انعدام روح العمل المنظم للفريق والتصرفات الفردية والتسرع باتخاذ قرارات مصيرية". ويدلل السيد الخضر على ذلك بلقاء "رئيس المجلس المحلي لتل أبيض بالمدعو لؤي حسين منذ ثلاثة أيام رغم اعتراض المجلس على ذلك. وكذلك مشاركة وفد من المجلس المحلي في لقاء أضنة مع قيادات من حزب PYD وأشخاص آخرين مثل رئيس ما يسمى بمجلس أعيان تل أبيض اليوم الجمعة 18أيلول 2015 ".
واقع الحال أن بلدة تل أبيض شهدت تشكيل جسمين مدنيين ولهما طابع شعبي يحمل نفس ثوري وبإرادات مستقلة وحرة من أبناءها عقب انحسار سيطرة النظام عنها هما مجلسها المحلي و"تجمع شباب تل أبيض". وكان هذا الجسمان مناط بهما تمثيل الأطياف السياسية والاجتماعية والثقافية للبلدة حتى بعد اضطرار أعضاءهما للجوء إلى تركيا إثر سيطرة "داعش" على البلدة، كما كانا مقصد جهات دولية ومنظمات مدنية وحقوقية راغبة في معرفة الأحوال في تل أبيض أو التأثير فيها.
خارطة توازن جديدة
ويُرجح متابعون للأحداث هنا أن هذه الانسحابات هي مؤشر أولي على انفراط عقد المجلس المحلي، وربما "التجمع" لاحقاً، ما يفسح المجال أمام تشكيل أجسام جديدة تساير واقع الحال وإرادة قوة الأمر الواقع الحالية الممثلة بوحدات حماية الشعب الكردية. وهو أمر تعمل عليه الإدارة السياسية للوحدات منذ أشهر. إذ اتمت إدارة حماية الشعب الكردية خلال الفترة القصيرة الماضية تهيئة شركاء محليين عينتهم في ما سُمي "مجلس الأعيان، كما في إدارة المكاتب الخدمية الخاصة بالإدارة المحلية مثل التعليم والمرأة والصحة وغيرها. وعلى صعيد عسكري وعملياتي سيطرت هذه الوحدات على كامل منطقة تل أبيض الحدودية وهجرت معظم سكانها، بحجة انتمائهم إلى "داعش" وفقا لشهادات عدد من الأهالي. كما أوشكت على الانتهاء من حفر خندق وساتر ترابي، مما تنشئه الدول على حدودها عادةً، ويمتد من غرب وجنوب بلدة عين عيسى باتجاه الشرق وصولاً إلى محافظة الحسكة.
وحدات الحماية الكردية والنظام
أما التطوران الأخيران اللذان دفعا الأمور إلى نهايتها القصوى، فأولهما هو نجاح الإدارة السياسية لوحدات حماية الشعب في صياغة شراكة سياسية علنية لأول مرة مع بقايا النظام في المنطقة؛ وثانيهما هو بدء دخول منظمات مجتمع مدني إلى تل أبيض.
فقد عمدت إدارة وحدات حماية الشعب إلى تعيين أشخاص كانوا في عداد أجهزة النظام الحزبية والسياسية في تل أبيض في مواقع إدارية بارزة، وإن كانت دون صلاحيات فعلية؛ كما أن صيغة الوفد الذي مثل تل أبيض في اجتماع أضنة المكرس لصياغة تفاهم حول "الإدارة الذاتية" في تل أبيض يعكس رؤية هذه الإدارة للشريك المثالي في هذا المشروع. فمعظم هؤلاء هم أفراد ينتمون إلى حزب البعث والجبهة الوطنية التقدمية، وخاصة الحزب الشيوعي السوري- جناح يوسف فيصل، يأتي هذا تزامنا مع جهد سياسي من ممثل "التيار الثالث"، لؤي حسين، في التبشير بدعم مشاريع وصياغة علاقات مع قوى نافذة دولية وإقليمة للراغبين في الدخول في هذه الشراكة.
إلا أن ناشطين سوريين يشككون في نجاح هذا المشروع ويرون أن ثمة معيقات كثيرة تحول دون نجاح مساعي الإدارة الذاتية، إذ يرون أن الشريك المحلي غير ممثل لعموم المنطقة، إن سياسياً أو عشائرياً.