أخبار الآن | تركيا – متابعات (جابر المر)

تحت تهديد الموت بألف طريقة، لا تبدأ ولا تنتهي بالغرق، يهاجر مئات السوريون يوميا إلى أوروبا، ولعل واحدة من أبرز المخاطر هي تلك التي ينتقل فيها الناس من مدينة أزمير التركية إلى الجزر اليونانية بالقوارب المطاطية عن طريق مافيا تهريب لا تهتم لمن ينجو أو يموت بعد أن تأخذ حصتها من المال المقدر ب 1200 دولار أمريكي.

ومن أجل وقف الموت وعدم تسليم أرواحهم وأرواح اللاجئين إلى مافيات التهريب المنتشرة أطلقت مجموعة من الشباب والشابات السوريين حملة باسم "عابرون لا أكثر".

قصة البدايات

بدأت الحملة من مجموعة على الفيس بك، يعرِّفهم أحد منظمي الحملة السيد فادي شبلي: "نحن عبارة عن مجموعة من الشباب نحلم كأي شخص سوري بالعبور إلى بر الأمان لكن أي أمان ذاك الذي سيأتي عن طريق المهربين وتجار البشر".

بدأت الدعوة قبل حوالي الأسبوعين من مجموعة على فيس بوك باسم الحملة دعت الراغبين بالهجرة إلى التجمع في مدينة أدرنه التركية القريبة من الحدود البرية اليونانية، وعزمت الحملة على أن هذا التجمع يهدف للدخول إلى اليونان عن طريق اعتصام سلمي بعنوان عابرون لا أكثر.

نُظّم هذا التجمع بكل مدنية وسلمية، وطالب أحد أعضاء الحملة من جميع الذين يرغبون بالتوجه أنه: و"مهما حدث لا نريد أن نفتعل المشاكل أو ننجرّ نحو مشاكل من أي نوع مع الأتراك أو اليونانيين، نحن عابرون لا أكثر، سلميّون وإن استطعنا تقديم الورود لهم سنفعل، كل ما يهمنا هو ألا نموت في البحر وأن نصل إلى أوروبا بأمان".

وبعد أيام على إطلاق الهاشتاغ والحملة ضمت الصفحة 15 ألف عضو، لكن القائمين على الحملة أكدوا من خلال متابعتهم الدقيقة واطلاعهم أن العدد سيكون على الأقل خمسة آلاف شخص وسيتجمعون ليعتصموا، خصوصا أن الحملة لم تقف عند حدود السوريين إنما شملت العراقيين والفلسطينيين للمشاركة بالاعتصام بدلا عن ركوب البحر.

آمال ومخاوف

بدأ توافد اللاجئين إلى أدرنة قبل أيام من موعد الاعتصام مما فرض على الشرطة التركية اتخاذ تدابير وقائية تخوفا من بعض التجاوزات.

ومع تزايد الأعداد أعادت الشرطة التركية بعض السوريين القادمين من إسطنبول، لكن واصفي الحملة بأنها الحملة الإنسانية الأولى من نوعها على مواقع التواصل الاجتماعي يصرون على سلميّة حملتهم وأنهم ماضون فيها دون تغيير في مواعيدها ما ينبئ عن أنه لم يسجل حالات صدام مباشرة مع الأمن التركي.

"أبو محمود" أحد القادمين الجدد من الأراضي السورية إلى تركيا قاصدا غرب أوروبا قرر تأخير سفره بالبحر والمحاولة مع عائلته باتباع الاعتصام يخبرنا التالي: " أتمنى أن تتم الأمور بسهولة، علمت عن الاعتصام عن طريق الانترنيت فقررت أن أذهب وأعتصم قبل أن أغامر بعائلتي في مراكب تجار البشر المطاطية سريعة الغرق".

أما أحمد وهو شاب متوجه لأزمير من أجل ركوب البحر إلى اليونان ضحك عندما سألناه لماذا لا يجرب الاعتصام أولا وأجاب: "لو أن الأمر مجد لما كان داع للاعتصام، تركيا واليونان تسعيان للحفاظ على حدودهما، الموضوع يتعلق بسياسة دولية، والاعتصامات لا تغير السياسات".

هذا ويجيب القائمين على الحملة عن سؤال الجدوى بأنهم لا يتوقعون أن يحدث شيئا سيئا أو حسنا، هم سيجربون محافظين على أدبهم وسلميتهم، ومن ثم قد تفتح الحدود.

ويحدو الأمل الكثيرين فيما لو نجحت الحملة ودخل السوريين إلى اليونان برا وبطريقة أقل خطرا من البحر بما لا يقاس، ستكون فعلا الحملة الأولى من نوعها، لكن المخاوف تزداد يوما بعد يوم على أن تكون هذه المحاولة دون جدوى، فقد أنهك السوريين من الخذلان ولم يعد يستطيعون تحمله.