أخبار الآن | حلب – سوريا – (محمد وسام)
شهدت قرى وبلدات الريف الشمالي في حلب موجة نزوح هي الأكبر منذ ثلاثة أعوام, وذلك بعد الحملة العسكرية التي شنّها "داعش" على تلك المناطق وتحديداً مدينة مارع معقل الثوّار الأكبر شمال حلب.
فالمعارك القويّة التي دارت في محيط المدينة أجبرت سكان القرى والبلدات على النزوح هرباً من الاشتباكات والقصف، فضلاً عن التقدم الذي أحرزه داعش مؤخراً وسيطرته على قرى تلالين، سندف، حربل، دلحة وحرجلة شمال مارع حيث أصبحت المدينة على وشك الحصار من قبل عناصر داعش.
عائلات تبحث عن مكان آمن
نحو 3000 عائلة غادروا مجبرين منازلهم، توزع معظمهم على المناطق الآمنة نسبياً غرباً إلى مدينة أعزاز وتل رفعت وبلدات ريف حلب الغربي، إلا أن ما يقارب الـ 700 من العوائل الفقيرة اتخذوا من العراء ملاذاً لهم على طريق "كلجبرين – اعزاز".
"أخبار الآن" توجهت إلى تلك المنطقة واطلعت على أوضاع النازحين هناك، حيث تعيش العائلات النازحة أوضاعاً إنسانيةً صعبة في ظل انعدام أدنى مقومات الحياة من ماء وبطانيات والخيم لتأويهم.
"خرجنا بالثياب التي علينا" يقول أبو منذر وهو أب لأربعة أطفال اضطر لمغادرة قرية "سندف" أثناء المعركة التي انتهت بسيطرة داعش على قريته. ويتابع: "لم أستطيع حمل الأمتعة من منزلي بسبب اشتداد وتيرة المعارك والقصف في القرية، لا أستطيع البقاء في المنزل إذا سيطر داعش على منطقتنا، ما زلنا هنا ننتظر المجالس المحليّة والمنظمات كي تساعدنا".
حال أبو منذر حال المئات من العائلات التي غادرت منازلها إما بسبب المواجهات العسكرية أو نتيجة التفجيرات الناجمة عن السيارات المفخخة التي يرسلها "داعش" يوميّاً لضرب تلك المناطق. ناهيك عن قيام "داعش" مؤخراً باستهداف مدينة مارع بقذائف الفوز ديكا التي تحوي غاز الخردل(السام).
تحرّك عاجل لإغاثة المنكوبين
في ذات السياق أطلق ناشطو مدينة حلب حملة مكثفة لإغاثة نازحي الريف الشمالي تحت عنوان "رد الدين للريف الشمالي" ليتبعه تحرك عاجل من قبل الجمعيات والمنظمات الإغاثية العاملة في الأرياف لتقديم يد العون للعوائل المشردة.
مجلس محافظة حلب الحرّة أعلن بدوره مدينة مارع والقرى المحيطة مناطق منكوبة، وذلك خلال مؤتمر صحفي عقد الثلاثاء الماضي مؤكداً على المنظمات والجمعيّات العاملة في مجال الإغاثة العمل بجدية على خطوات من شأنها مساعدة المنكوبين من أبناء المناطق التي تشهد مواجهات عسكرية.
كما وقّع نحو 350 من الناشطين على عريضة تطالب الجهات المعنيّة داخل وخارج سوريا بالاستجابة الفورية لاحتياجات النازحين واضعين المجتمع الدولي ومجموعة "أصدقاء الشعب السوري" أمام مسؤولياتهم تجاه الكارثة الإنسانية التي تواجه الأهالي جراء الهجمة الشرسة التي ينفذها تنظيم داعش.
ريف حلب الشمالي الذي عجز نظام الأسد عن اجتياحه عسكرياً مرات عديدة على مر السنوات السابقة، أضحى اليوم قاب قوسين أو أدنى من المخالب "الداعشيّة" التي التهمت قراه الشرقية الواحدة تلو الأخرى، في ظل التخوّف من اشتداد أزمة النازحين لتصل الأعداد إلى عشرات الآلاف الهاربين من شبح الوحشية التي دمغت أفعال وتصرفات عناصر "داعش".