أخبار الآن | ريف دمشق – سوريا – (وئام الشاهر)
تقع مدينة التل على طريق دمشق – حمص الدولي، ولا تبعد عن العاصمة دمشق سوى 14 كم، وقد غدت ملاذاً لما يزيد عن المليون سوري فرّوا من القتل والقصف من شتى أنحاء سوريا لتفتح لهم المدينة أبوابها.
لكن المدينة ترزح منذ أكثر من شهر تحت حصار قوات النظام. خمسة حواجز تحيط بها وتشدد الخناق عليها مما دفع الكثير من الناشطين والعاملين في المجال الإغاثي من كارثة إنسانية باتت على وشك الحدوث، بسبب عدم وصول المساعدات الغذائية للاجئين والمهجرين.
اللاجئون والغذاء
في حديث مع أحمد البيانوني، الناطق باسم تنسيقة مدينة التل، أشار إلى أن الجمعيات الخيرية والهلال الأحمر السوري، الذين تكفلوا بتقديم المساعدات للأسر اللاجئة والمحتاجة في المدينة قد أعلنوا "أن المخزون الغذائي لديهم انتهى ولم يعد بإمكانهم إعالة اللاجئين ومساعدتهم".
ونوه البيانوني إلى أن الهلال الأحمر حاول إدخال سيارة مساعدات للمدينة لكن النظام رفض دخولها، ليستولي عليها فيما بعد ويوزعها على عناصره الموجدين ضمن منطقة "حرنة الشرقية" المسيطر عليها من قبل النظام.
قمنا بزيارة لبعض الأسر اللاجئة لمعاينة أوضاعهم، لنجد معظمهم يفتقدون حتى الخبز اليابس، عدا عن خلو مطابخهم من أية مؤونة، حيث كشف المتحدث باسم واحدة من الجمعيات الخيرية عن أنهم "يعتمدون على القليل المتبقي في مستودعاتهم لطبخ وجبة توزع يوميا على ما يقارب 600 إلى 1000 أسرة، وتتراوح الوجبات بين الأرز وشوربة العدس والمعكرونة".
وبالحديث مع بعض الموظفين، إذ يسمح لهم وللطلاب فقط بالخروج والدخول إلى المدينة، فقد أشاروا إلى أنه "يسمح لهم بإدخال ما مقداره كيلو أو اثنين من الخضار والفواكه" بعد أن يمروا بمرحلة طويلة من الانتظار على الحواجز والإذلال اليومي.
هذا وقد قام بائعو المدن المجاورة بافتتاح سوق للخضار على طريق معربا القريب من المدينة ليشتري من يسمح لهم بالخروج، في حالات قليلة، ما يكفيهم شخصياً ويسد رمقهم.
وتقول إحدى عضوات "عدسة شاب تلي": "هناك مطاعم ومحال أغلقت بشكل كامل بسبب نفاذ مخزونها، عدا عن شوارع كاملة لم يعد فيها أي بائع بعد أن كانت الطرقات قبل الحصار مليئة بباعة البسطات".
وتكمل: "بالمرور على الأفران في المدينة فإن طوابير الأهالي كانت تصل لحارات مجاورة للفرن في أيام الحصار الأولى، ثم بعدها أغلقت الأفران لنفاذ طحينها".
وتقول يم الشامي: "في هذا الوقت وبعد نفاذ الطحين من مخابز المدينة الكبيرة، تستقبل المخابز الصغيرة الطحين من الأهالي الذين لا يزال لديهم بعضه وتخصص لكل شخص يوما لتخبز له من طحينه، ويتقاسم الأهالي فيما بينهم ما يستطيعون الحصول عليه من مواد أو خبز".
حواجز النظام.. تعقيد وذلّ
تقول إحدى الطالبات:" نمر يومياً على أربع إلى ثماني حواجز في طريقنا إلى دمشق، نقف على الحواجز كأننا في طابور الغاز لنخرج بعدها سيراً على الأقدام حتى نجد بعدها وسيلة لنقلنا إلى مركز المدينة".
وللعلم فإن حاجزي معربا ومنين قد تم إغلاقهما بشكل كامل، ليتبقى حاجز الضاحية وحاجزين في حرنة "طيبة والكازية" لخروج الطلاب والموظفين، عدا عن أن كل حاجز من الحواجز يشكل ثكنة عسكرية.
"بعد الخروج من التل تبدأ معاناتنا مع الحواجز التي يجب علينا المرور بها للوصول لدمشق" يذكر طالب جامعي ذلك، ويكمل: "حاجز الدريج يقع على طريق دمشق حمص الدولي، لا يسمح بمرور من هم من التل إطلاقاً بينما حواجز برزة تسمح بالمرور بعد إذلال وطول انتظار".
اجتياز الطريق من التل إلى دمشق قبل الحصار كان يحتاج نصف ساعة إلى ثلاثة أرباع الساعة بينما اليوم يحتاج إلى ساعتين تقريباً، وبعد إغلاق طريق برزة منذ أيام سمح لأهالي التل بالمرور من طريق الدريج.
في طريق العودة إلى التل يزداد حجم الذل بشكل أكبر. يقول أحد الموظفين: "عند دخولنا للمدينة يتم إذلالنا وإجبارنا على الهتاف لهم أحياناً ليتم إدخالنا، عدا عن مشكلة إدخال المواد إذ يقومون بإتلافها أو مصادرتها أو تقاضي مبالغ مالية إذا كان معنا ما يزيد عن حاجتنا، برأيهم".
هذه المعاناة لا تزال مستمرة منذ 39 يوماً، وتزداد مع مرور الوقت تزامنا مع نفاذ المواد.
يذكر أن هذا الحصار ليس الأول للمدينة، فقد تمت محاصرتها سابقاً. لكنها المرة الأولى التي تغلق فيها الطرقات بوجه كافة المواد الطبية والغذائية والأهالي كذلك.