أخبار الآن | حلب – سوريا – (محمد وسام)
يشهد الاقتصاد السوري حالة عدم استقرار منذ قرر نظام الأسد استخدام الحل الامني في قمع الثورة السورية في آذار / مارس عام 2011. فقد مرت الليرة السورية بمراحل انهيار عديدة، لا سيما مع توسع الحراك العسكري للثورة، وسيطرة الثوار على نقاط عسكرية ومساحات جغرافية واسعة من سوريا .
انهيار قيمة العملة السورية انعكس سلبا على المواطن السوري، فمع كل انخفاض لقيمة الليرة أمام العملات الأجنبية، كان يرافقه ارتفاع كبير في جميع أسعار السلع المستوردة منها والمحلية، خاصة في العامين الماضيين، إذ وصل سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي إلى 300 ل.س مقابل الدولار، بعد أن كان لا يتجاوز 50 ل.س.
تلك المعطيات دفعت نقابة (الاقتصاديين السورية) إلى إطلاق مبادرة "استبدال العملة" والتي تهدف إلى إيجاد عملة مستقرة اقتصاديا بشكل مؤقت، بدلا عن الليرة في المناطق التي يسيطر عليها الثوار، وكمرحلة أولى ستطرح المبادرة في مدن وبلدات الشمالي السوري المحررة.
وقد تم تشكيل لجنة مؤلفة من ممثلين عن معظم القطاعات الثورية، مدنية كانت أم عسكرية، كلفت بتحديد أهداف المبادرة وطرح الإيجابيات والسلبيات، وإيجاد آلية وخطوات عملية لتطبيق بنود المبادرة.
في ندوة إعلامية للجنة عقدت في حلب الخميس الماضي، تحدث المندوبون أمام عدد من الناشطين والإعلاميين عن القرار المشترك لاستبدال العملة، حيث قال محمد غياث ممثل نقابة الاقتصادين، إن الهدف الأساسي الذي دفع النقابة إلى طرح المبادرة، هو حفظ أموال ومدخرات المواطنين، نتيجة فقدان الليرة السورية قيمتها الحقيقية، إضافة إلى طباعة فئات جديدة من دون رصيد من قبل النظام.
الليرة التركية هي العملة التي تم الإجماع عليها كبديل عن العملة السورية، وذلك نتيجة توفر القطع المعدنية ذات القيمة الصغيرة للتداول بين الناس، خلافا عن الدولار الأمريكي، الذي يصعب تأمين الفئات الصغيرة منه، فيما حددت اللجنة تاريخ الأول من آب / أغسطس بداية لتفعيل خطوات المبادرة .
وأكد عمار أبو ياسر (ممثل العسكريين) أن قرار الاستبدال مؤقت، وهدفه الانتقال من عملة لا تملك رصيد في البنوك الدولية، إلى عملة ذات قيمة حقيقية، بغض النظر أيا كانت هذه العملة. وأضاف قائلا "للمواطن الحق في حفظ مدخراته بالمعادن الثمينة أو في العملة التي يراها مناسبة".
عضو نقابة الاقتصاديين السورية أنس الحلبي قال: إن المبادرة أصلا تستهدف عملة التداول فقط، حيث أن معظم الناس الآن لا يدخرون أموالهم بالليرة السورية، إضافة إلى أن التجار يشترون البضائع معظمها بالعملة الأجنبية ثم يبيعونها في الداخل السوري بالعملة المحلية، وينتج عن تبديل العملة فرق الصرف الذي يدفعه المستهلك السوري.
وعن كيفية تطبيق القرار قال أنس في حديثه ل "أخبار الآن": إن الخطوة الأولى هي التواصل مع المؤسسات المدنية وأرباب العمل لتوزيع رواتب الموظفين بالعملة الجديدة، إضافة إلى تسعير بعض السلع الأساسية بالليرة التركية، مؤكدا أن التواصل جار مع التجار وأصحاب محلات الصرافة، وقد أبدى معظمهم ترحيبهم بالفكرة.
واختتم أنس حديثه بالقول "لا نراهن بتهاوي الليرة السورية على سقوط النظام، لكن بالتأكيد نجاح هذه المبادرة يعني المزيد من الانهيار الاقتصادي لنظام الأسد".
"بداية لن يكون هنالك آلية لفرض القرار"، قال ممثل الهيئات الشرعية في الاجتماع، مشيرا إلى أن المشروع لا يعتمد حاليا على آلية إجبار للتطبيق، ثم حدد مدة ستة أشهر تكون فترة انتقالية، يتم بعدها دراسة إقرار الإلزام القانوني لتداول العملة الجديدة، بالتعاون مع الهيئات الشرعية والمحاكم المدنية.
خبراء اقتصاديون يرون أن نجاح المبادرة مرهون بمدى اقتناع وتطبيق الأهالي لها، مؤكدين على ضرورة قيام لجنة المبادرة بحملات توعية تستهدف عامة الناس، لإدراك مدى أهمية هذه الخطوة، لأن تأخر الناس بتطبيق بنود المبادرة سينعكس سلبا عليهم فيما إذا نجحت.