أخبار الآن | جنوب دمشق – سورية – (آية الحسن)
"الحصار لا ينتهي مهما تبدل اسم من يحاصرنا"، هذا لسان حال العائلات المتبقية في مخيم اليرموك جنوبي دمشق، والمحاصر منذ ما يقارب الثلاث سنوات من قبل قوات النظام.
ليس ببعيد زمنيا دخل مخيم اليرموك في نفق الصراع داخله مع محاولات تنظيم "داعش" السيطرة عليه عن طريق قتاله الكتائب المتمركزة في المخيم. وبعد صراع دموي اضطرت العديد من العائلات إلى النزوح خارج المخيم بما هو متاح لهم في البلدات القريبة مثل: يلدا وببيلا وغيرها.
الوضع الشائك ..
يزداد وضع اليرموك غموضا مع بقاء الحصار المفروض عليه، خارجيا وداخليا. سلسلة من الاشتباكات بين كتائب فلسطينية/سورية وتنظيم "داعش" انتهت بسيطرة الأخير على جزء كبير من اليرموك، كان من نتائجه تقلص عدد السكان بنسبة كبيرة تخوفا من جرائم التنظيم التي باتت معروفة للجميع. هذا مع تواجد لعناصر جبهة النصرة في شارع فلسطين حتى اليوم.
في ظل هذه الترتيبات الجديدة بات على الأهالي المتبقين هناك البحث عن وسائل أقل ألما للموت، بما أن وسائل البقاء على قيد الحياة باتت شبه معدومة.
معاناة تتكرس حتى بات الأمر وكأنه طبيعي بالنسبة للمتابعين للمناطق المحاصرة، غياب شبه تام للخدمات فيه، لا كهرباء وانقطاع للمياه، وغلاء كبير في أسعار المواد الأولية في حال تواجدها.
"هناء أم العبد" لم تنزح من اليرموك بعد، حدثتنا بأن الوضع: "لا يمكن وصفه أبدا، اليرموك يذكرني بحكايات أمي عن النزوح والهجرة ومخيمات العراء. لكن الفرق هنا هو أننا في أية لحظة معرضون للموت من جهات مختلفة".
رمضان مستمر ..
وسط كل هذا يطل شهر رمضان الفضيل حاملا معه أمل وجود ومتنفسا للأهالي الصامدين هناك. لا طقوس رمضانية كما هو معتاد، لا فرح بقدوم شهر يحمل في طياته معنى المحبة والسلام. كيف لا ولا تزال حتى اللحظة تدور اشتباكات بين النظام ومرتزقته من عناصر القيادة العامة مع بعض الكتائب المتواجدة هناك.
على مستوى "الصوم" ربما لم تتغير المعادلة كثيرا عن الشهور السابقة له، فطوال ثلاث سنوات من عمر الحصار كانت الحياة أشبه بشهر رمضان.
"الجوع مستمر في رمضان وغيره من الشهور. مع ذلك نصوم ونصلي أملا في انفراج الحصار"، هكذا يرى "محمد. ع" الذي لا يزال يأمل بالخروج من جحيم يخاف منه على أطفاله الثلاثة الصغار.
أمل الخلاص ..
توزعت العائلات النازحة من اليرموك على المناطق والبلدات المحيطة وبشكل خاص بلدة "يلدا" الملاصقة لشارع فلسطين. لكن المعاناة هناك لم تنته أيضا، فالنزوح كان من منطقة محاصرة إلى منطقة هي الأخرى محاصرة.
صعوبة في دخول المساعدات الغذائية من مؤسسات الإغاثة المختلفة، بسبب منع النظام لها، وعدم كفاية ما يمكن أن يتم إدخاله لكافة الأهالي، إضافة إلى ضعف الإمكانات المالية لشراء الحاجيات الأساسية، جعل أنظار الأهالي المتواجدين هناك تتجه نحو البحث عن خلاصهم بالخروج من المنطقة عن طريق "سماسرة الحرب".
"خليل. ب" نازح في بلدة يلدا يحاول الخروج منذ وقت من هناك، يقول: "هناك سماسرة يعرضون على الأهالي الخروج مقابل مبلغ مالي يصل الى "300" الف ليرة سورية، وهناك أشخاص استطاعوا الخروج بهذه الطريقة".
يحاول خليل تأمين المبلغ من أهله المهاجرين خارج سورية ومن بعض رفاقه ربما يستطيع الخروج ورواية ما يجري هناك للعالم.
شهر رمضان يشارف على نهايته دون أن تتغير معادلة الحصار. هذا الشهر الذي تأمل فيه الأهالي في اليرموك قبل قدومه بالتوصل إلى اتفاق ينهي مأساتهم، لكنه لم يأت بجديد.
وسط كل هذا لا تزال الاشتباكات جارية في اليرموك حتى اللحظة، فقد شهدت المعارك سقوط عدد من قتلى مرتزقة القيادة العامة الموالية للنظام جرّاء اشتباكات بينها وبين الكتائب المرابطة داخل المخيم.