أخبار الأن | حلب – سوريا – (إرم)
بات أطفال مدينة حلب ضحايا لقمة العيش التي أجبرتهم على العمل في مختلف المجالات لإعانة أهاليهم نظراً للظروف المعيشية الصعبة، مجافين مقاعد الدراسة نتيجة استهداف طيران النظام للمدارس، ومغادرة أطفال آخرين المدنية كي يذوقوا مرارة معاناة اللجوء والهجرة مقابل الحصول على الأمان.
وأصبحت عمالة الأطفال في الشوارع والأحياء السكنية كباعة متجوّلين وأصحاب بسطات صغيرة، أمراً رائجاً في مدينة حلب وريفها، بسبب الضائقة الاقتصادية التي ألّمت بالكثير من العائلات الحلبية.
مدارس مدمرة
آلاف المدارس تمّ تدميرها بعد استهدافها من قبل طيران النظام الحربي والمروحي، فيما تحول بعضها إلى ثكنات ثكنات عسكريّة، في ظل امتداد الاشتباكات في العديد من الأحياء بحلب.
ولم تقتصر الأمور على ذلك، فطائرات النظام دمّرت بعض المدارس بشكل كامل، ومنذ أكثر من شهرين قُتل عشرات الأطفال في مدرسة بحي "المشهد" بعد استهدافها ببراميل النظام المتفجرة.
أبو أحمد، امتنع عن إرسال ولديه إلى المدارس بسبب خوفه عليهما، ويقول في حديثه لشبكة "إرم" الإخبارية: "لن أرسلهم إلى الدراسة، ومن يقدّر الدراسة في هذه الأيّام؟ الآن هم يعملون معي في دكّاني الصغير وتحت نظري، وإلى حين تفرج على الجميع سيعودون إلى المدارس، لكن أعتقد أن الأمور ستطول".
ويضيف: "يتعلّمون صنعةً في صغرهم أفضل من أن يقضوا وقتهم باللعب، على الأقل يمكنهم إعانتي بعد زمن، ولست أنا فقط من منعهم من الذهاب إلى المدارس، فهناك الكثير من الأشخاص ممن أعرفهم قاموا بذات الفعل".
دمار نفسي
لم تكن الظروف السابقة، فقط، هي التي وقفت بوجه متابعة الأطفال تعليمهم، إذ أن آثار القصف ومشاهد الموت وأصوات الطائرات، أفرزت حالة من الخوف لدى معظم الأطفال، وكانت سبباً رئيسياً في إقلاعهم عن الذهاب إلى مقاعد الدراسة.
يقول الطبيب النفسي أسامة العلي لمراسل شبكة "إرم" الإخبارية: "من الطبيعي جداً في ظل ظروف الحرب، أن تخلق مشاكل نفسية لدى الأطفال، وهذه المشاكل سيكون لها تبعات نفسية، ستظهر مستقبلاً على هذا الجيل، وعلى المنظمات الدولية العمل، بشكل جدي، على تحييد هؤلاء الأطفال عن مناطق الاقتتال، وتقديم برامج دعم نفسي شامل لهم، بغية العمل على إعادة روح الطفولة لهذا الجيل، وإعادتهم إلى مكانهم الطبيعي في مقاعد الدراسة".
وأضاف: "كل هذه المشاهد الدامية التي نراها عبر شاشات التلفزة من قصف وقتل تمارسه طائرات النظام في المناطق الخارجة عن سيطرته، ستؤثر سلبياً على نشأة هؤلاء الأطفال وتربيتهم، وفي المقابل ستشغلهم عن متابعة تحصيلهم العلمي، الأمر الذي يعني أن هناك مظاهر سلبية كثيرة، غير مباشرة، ستظهر عليهم في المستقبل".
إلى العمل
ظروف معيشية سيئة، وواقع مادي شحيح، بالنسبة للعائلات السورية، التي نزحت من بيوتها، وفقدت أغلب ما تملكه، كل ذلك أجبر تلك العائلان على إرسال أبنائها إلى العمل، كي يؤمّنوا لهم لقمة يسدّون بها الحاجة.
ويلاحظ في أحياء حلب ومدنها الريفية، انتشار البسطات في الشوارع، يقف ورائها أطفال لم يتخطّوا سن البلوغ، وأغلبهم من الأطفال النازحين، الذين تركوا دراستهم واتجهوا للعمل قاصدين لقمة العيش.