أخبار الآن | حمص – سوريا – (سوزان أحمد)

حبة دواء واحدة مضادة للالتهاب قد تنقذ حياة شخص مهدد بالموت في أقبية نظام الأسد، فقد انخفض عدد المعتقلين الذين يموتون يومياً بسبب التعذيب والمرض في أحد الفروع الأمنية التابعة للنظام من 10 إلى 6 أشخاص تقريبا الشهر الماضي حين سُمح لبعضهم بالحصول على دواء مضاد للالتهاب بحسب معتقلين ناجين.

ففي ظل الإهمال والوحشية يموت معتقلو الرأي السوريون يومياً في سجون النظام. "احتاجت إحدى المعتقلات عملية لإزالة كتلة من بطنها" تقول نارا المعتقلة السابقة "ولكن لم يسمحوا لأهلها بجلب الدواء لها ولم تحصل على أي نوع من الرعاية الطبية اللازمة، وحين شارفت على الموت تم تحويلها إلى مشفى عسكري."

وتروي نارا بألم لأخبار الآن كيف رأت صنوف التعذيب في المعتقلات والفروع الأمنية من شبْح وضرب بالأسلاك الكهربائية والبلاستيكية، إلى صعق بالكهرباء وإغراق بالماء "رأيت في فرع الأمن كهلاً، 60 عاماً، معلقاً بالسقف من يديه ويضربه السجان على ظهره بكبل كهربائي من دون رحمة. كثيراً ما بكيت من أصوات المعتقلين تحت التعذيب؛ وهذا أسوأ من التعرض للتعذيب بحد ذاته!"

ومن المخزي أن يصدر في اليوم العالمي للتعذيب، 26 حزيران/يونيو 2015 تقارير حقوقية مفادها أن التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان في معتقلات الدول العربية فاق أسوأ حالات التعذيب في العصور الوسطى مع معلومات عن مساهمة الاستخبارات العالمية في تسهيل عمليات اعتقال بعض الحالات.

"كنا ستة معتقلين في زنزانة مساحتها (2×1 متر) ولا ترى الشمس" يتحدث أبو فراس الحمصي المعتقل القابع في سجون النظام حتى اليوم. ويمضي في حديثه لأخبار الآن قائلاً "كانت أصوات التعذيب لا تفارق المكان، وكان الشبح والتعذيب بالدولاب والصعق الكهربائي والكرسي الألماني أكثر أنواع التعذيب إرهاباً."

ولا ينسى إحدى فترات التعذيب التي عاشها في أحد الفروع الأمنية حين استقبله سجانو الأسد بحفلة تعذيب وإهانات لم تنتهي حتى أغمي عليه ليستفيق في زنزانة باردة مظلمة وهو يغرق ببركة من دمه ظاناً أنها النهاية. ويرتجف صوته وهو يتكلم عما عاشه في سجن صيدنايا "بقيت ثلاثة أيام عارياً في زنزانة باردة وتعذيب متواصل حتى ملأت قدمي الدمامل وخرج القيح من مختلف أنحاء جسدي ولم يعطوني أي دواء أو يراني أي طبيب."

وتؤكد نارا وأبو فراس الحمصي أن أكثر ما يؤلم في تجربة الاعتقال هو تجريد المعتقل من إنسانيته وحرمانه من أبسط حقوقه، فالمعتقل لا يدخل الحمام إلا بأوقات محددة مرتين يومياً ولبضع ثوان وتحت ضربات السجان وهو يقفز فوق جثث معتقلين قضو قبله.

يذكر أن ناشطين سوريين أطلقوا حملة تحت اسم "أنقذوا البقية" للمطالبة بإطلاق سراح مئات الآلاف من المعتقلين والمغيبين قسرياً في سجون النظام. متوجهين للمنظمات الحقوقية والإنسانية للوقوف أمام مسؤولياتها والتحرك لحماية من بقي حياً في سجون النظام والكشف عن مصير المختفين قسرياً.