أخبار الآن | دمشق – سورية – (آية الحسن)
غابت كلمة الأمل من لغة الحياة اليومية للسوريين في ظل حرب طاحنة وقعوا تحت رحمتها، ولم يعد الخروج منها بالأمر السهل. وفي محاولة لرصد آراء الناس في دمشق وبعض المهجرين من محافظات أخرى حاولت أخبار الآن أن تقف عند أحلام هؤلاء الأشخاص الذين وضعتهم الكوارث في تجارب مأساوية ودفعت بعضهم للهجرة وبعضهم لليأس ومن تبقى على قيد الحياة فهو مستمر فيها بلا أي أمل أو حلم أو معنى لذلك.
لم يعد هناك أمل ..
إلى متى سننتظر؟! هكذا بدأت أم محمد السبعينية والتي تعيش في مركز ايواء كان مدرسة ابتدائية في منطقة ركن الدين، وتكمل "خرجنا هاربين من داريا منذ ثلاث أعوام وإلى اليوم أنا هنا وحدي بعد أن هاجر أولادي الثلاثة عبر البحر إلى ألمانيا" وعندما سألتها عن ماتتمنى دمعت عيناها وقالت بأنها لم تعد تريد إلاّ أن يجمع الله شملها بأولادها في أي مكان بعد أن فقدت الأمل في عودتها إلى بيتها.
أما أبو سعيد وهو رجل أربعيني من مخيم اليرموك يقيم في بيت مشترك مع عائلة أخرى في منطقة قدسيا أخبرنا أن كل آماله تتوقف على لقاء الأحبة بعد أن شردتهم الحرب ورمتهم في أماكن مختلفة أما بالنسبة لأمل عودة الأمان والاستقرار فقد "نسيناه لأنه أصبح من المستحيلات فسورية تحولت اليوم إلى سجن كبير" على حد تعبيره.
أما وسام فهو طالب في السنة الرابعة بكلية الطب بجامعة دمشق، يخبرنا عن صعوبة البقاء في سورية لأنها لم تعد تصلح للعيش، بل إن مسببات الموت تزداد أكثر فأكثر، فإن لم تمت من الجوع ستموت جراء قذيفة وإن لم يحدث فقد تموت لا محالة قهراً.
أما أحمد مهندس الكهرباء العاطل عن العمل فيخبرنا بأن الحل الوحيد للعيش لك كسوري هو طلب اللجوء في دولة أخرى لتستطيع أن تبدأ من جديد وتعوض ما فاتك من خسارة، فقد أصبحنا كأننا ندور في حلقة مفرغة من الألم الذي يكبر كل يوم مع فقدان أحبتنا وحياتنا.
تعددت الآراء والأقوال وكلها أجمعت على أن الأمل في حياة أفضل داخل سورية أصبح شبه معدوم ولا مجال للتفكير بأن هناك بارقة أمل تلوح في الأفق، فمع ازدياد معارك الأسد ضد ثورة الشعب بشراسة واندلاع المعارك على جبهات كثيرة في مناطق عدة من سوريا، تحولت البلاد إلى صفيح مشتعل، أما الجبهات الخامدة منها فتعتبر ميتة بانتظار دورها، ولم يعد هناك مواطن سوري واحد لم يذق مرارة الحرب من الطفل إلى الكهل فقد أصبح كلٌ سواء.
الهروب من الجحيم ..
تخبرنا خلود. س وهي مرشدة اجتماعية تعمل في إحدى مراكز الإيواء أن مهمة الإرشاد النفسي في هذه الفترة المتأزمة ضرورية جداً ولكن ما من نتائج ترجى من ذلك، لأن الوعي عند الأطفال قد تجاوز حدود أعمارهم، أما الكبار فقد أُصيب معظمهم بحالات كآبة صعبة جداً، وبذلك نحن نضاعف من جهدنا ولكن ذلك لا يكفي، لأن الحد الأدنى من الأمان والطمأنينة قد فُقد ومن غير الممكن أن تبني على الركام. نحن نسلي بعض الأطفال باللعب في محاولة لننسيهم الألم. أما ما نحتاجه بشكل حقيقي وفعلي فهو وقف المعارك والقتل بشكل تام وهذا أمر على ما يبدو أنه مستحيل.
وتتابع خلود: "يبدو أن العيش في سورية أصبح مهمة شاقة، إذا أردت الاستمرار فيها عليك أن تكون سوبر مان، أو تنتظر معجزة سماوية لإنقاذك".
أُناس كُثر أنهكهم الموت والتشرد وأضعفتهم قلة الموارد وصعوبة الحصول عليها، وأصبحت آلامهم أكبر بكثير من آمالهم، حتى أن الناظر في الكتلة الكبيرة من السوريون يجد أن كل عائلة فيها شخص على الأقل مهاجر إذا لم يكن معتقل أو شهيد.