أخبار الآن| زحلة – لبنان – (لما فلاح)

كثيرة هي قصص المعاناة التي يعيشها السوري ولتسمع القصص والآلام التي عايشها الكثير منهم.. فقط يمكن أن تزور أحد المخيمات في دول الجوار وستسمع الكثير من القصص والمعاناة. في خيمة قريبة للصرف الصحي تعيش سعاد امرأة سورية مع طفلتها البالغة من العمر 5 أعوام بعد أن هربت ولجأت إلى لبنان.

سعاد امرأة سورية اتخذت من خيمة صغيرة مسكنا لها بعد أن خسرت كل شيء ولكن قصتها قد تختلف عن غيرها بعد التجربة الصعبة التي مرت بها بعد أن فقدت زوجها وخسروا كل شيء.

أخبار الآن التقت سعاد في سهل زحلة في لبنان وأخبرتنا عن قصتها: "زوجي كان يعمل بتجارة العقارات. كنا نقيم في منطقة داريا في ريف دمشق، وبعد أن لجأت القوات التابعة للنظام إلى العنف ضد المدنيين والأهالي والقصف، كنا ممن خسر منزله. وأدت إحدى القذائف إلى استشهاد زوجي منذ أكثر من سنتين".

وبعد أن فقدت سعاد زوجها ودمر منزلهم واشتد القصف على منطقتهم، لم يعد أمامها أي خيار سوى النزوح خوفا على حياتها وحياة طفلتها، حزمت القليل من الأمتعة وغادرت داريا. تقول سعاد: "ساعدني بعض الأهالي في استخراج بعض الثياب من تحت أنقاض منزلنا المدمر وقررت النزوح مع طفلتي إلى منطقة يبرود".

وصلت إلى يبرود واتخذت من غرفة صغيرة مأوى لها ولطفلتها حتى نفذ المال منها ولم بوسعها تقديم الطعام لطفلتها ولم يكن لديها أي معين بعد وفاة زوجها.

تقول سعاد: "خلال تلك الأثناء بدأت بالبحث عن منظمات وجمعيات خيرية علها تجد ما يسد جوعهم ويغنيها عن السؤال. جاء شخص اسمه وسام أحمد الحلبي شاب في الثلاثينات من عمره بدأ يتردد علينا ويقدم لنا بعض من المساعدات الإغاثية، وقال لي أنه يعمل في إحدى الجمعيات الخيرية التي ترعى نساء الشهداء".

وتضيف: "أمن لي هذا الشاب الطعام والأدوية وملابس للشتاء وأدوات مطبخ. كلها مساعدات وصلت من خلالها كنت ممتنة كثيرة لمساعدته". وفي أحد الأيام تقدم الشاب لطلب يد سعاد بالزواج فوافقت فورا خصوصا أنها بحاجة لمن يحميها وابنتها ويراعهما.

تقول سعاد: "بعد يومين جاء وسام ومعه عدة رجال أحدهم له لحية طويلة وقال لي إنه الشيخ وهو من سيعقد القران وبالفعل هذا ما حدث تزوجنا منذ أقل من سنتين".

وبعد أيام من زواج سعاد من وسام، بدأ زوجها يغادر البيت صباحا ولا يعود إلا آخر الليل، وهو يقول لسعاد إنه منهك من العمل في الجمعية الخيرية.

وبقيت سعاد ثلاثة أشهر على هذا الحال وزوجها يخرج يوميا في الصباح ويعود أخر الليل ومعه الكثير من النقود مبررا أنها نقود للجمعية وهو مؤتمن عليها.

كانت تأمل سعاد من زواجها أن تضمن لها ولطفلتها القليل من الاستقرار والأمان الذي فقدته بعد استشهاد زوجها، لكن حدث مالم تتوقعه.

اكتشفت سعاد أن وسام ليس إلا شبيح يعمل مع عصابات الأسد، حيث يقومون بسرقة المال من منازل الأهالي في المناطق التي يداهمها القوات التابعة للنظام ويرافقهم وسام ليسرق المنازل.

هي الصدفة التي مكنت سعاد من اكتشاف حقيقة من ادعى أنه أمن لها ولطفلتها الأمان والاستقرار وما يحتاجونه من مأوى وطعام، لكن الصعقة التي نزلت على سعاد عندما سمعت محادثة هاتفية بين وسام وأحد الضباط التابعين لقوات الأسد وهم يتفقون على آلية العمل والسرقات.

سعاد التي فقدت زوجها من قصف القوات التابعة للنظام وهربت منهم تجد نفسه في حضن شبيح وفي صف من قتل زوجها، صدمت المرأة كانت كبيرة وأصيبت بالخوف الشديد مما قد يفعله لو عرف أنها اكتشفت أمره.

تقول سعاد لأخبار الآن: "في تلك الأثناء كنت حامل بشهري الأول من زوجي وسام العميل الشبيح لكن أبعدت الخوف عني وواجهته بكل شجاعة وجرأة وتمنيت لو أني ذبحته انتقاما لزوجي الذي فقدته من قصف قوات النظام وشبيحته".

"كنت أشتعل غضبا، لكنه قام بتكبيلي وقام بضربي بشكل عنيف على بطني، وأسقط الجنين وقام بحبسي في الحمام أنا وابنتي، واعترف لنا ضاحكا بأنه شبيح أسدي وبأنه كذب من أجل الزواج فقط".

والصدمة الاقوى التي أصيبت بها سعاد عندما أخبرها أن الشيخ الذي عقد القران شبيح أيضا وليس بشيخ أو رجل دين وان عقد الزواج لا صحة له وهو باطل.

وسام لم يعد ذلك الشاب الطيب الذي يعمل في جمعية خيرية كما ادعى واعتقدت سعاد إنما هو شبيح وعميل يعمل لدى قوات الأسد ويقوم بسرقة البيوت من المناطق التي يقتحمها قوات الأسد، فكانت الصدمة أكبر من صدمة فقدانها زوجها بالقصف ومنزلهم.
حبس وسام سعاد وطفلتها في حمام المنزل ولازم بالفرار خارج منطقة يبرود، وبدأت سعاد بالصراخ سمعها بعض الجيران وكسروا باب المنزل وفكوا قيدها، لكن وسام نجح في الهروب إلى خارج يبرود وترك سعاد بآلامها وجراحها التي لم تكد تشفى منها بعد.

بدأت المرأة تشعر بالعار والخزي مما أصابها ضاقت الدنيا بها وبطفلتها فقررت الهرب إلى المجهول حملت ألامها ومعاناتها مع طفلتها الصغيرة وتوجهت إلى منطقة عرسال اللبنانية قرب الحدود مع سوريا، ومنها وصلت إلى زحلة منذ أكثر من سنة وهي تعيش في خيمة قرب الصرف الصحي.

تعيش سعاد وابنتها ريما الان في هذه الخيمة بالقرب من الصرف الصحي في خيمة ملوثة بدائية تفوح رائحة كريهة فيها بسبب قربها من الصرف الصحي والقمامة. تحاول سعاد مواجهة صعوبات الحياة والعمل في تنظيف البيوت لكي تطعم طفلتها. تنظر سعاد إلى طفلتها التي تلعب جانب حفرة للصرف الصحي تدمع عيون الأم وهي تنظر لطفلتها التي لم تفهم المعاناة التي تعيشها أمها وحرمت هذه الطفلة والدها وحقها في الحياة والعيش الكريم واللعب كأي طفل أخر.

مفوضية الأمم المتحدة تقدم لهم ايضا مساعدة غذائية شهرية بقيمة 50 دولار لكن سعاد تشعر بالقلق خصوصا عندما يقترب إيجارها السنوي، فمن أين ستدفع 500 دولار لكي تبقى في خيمتها التي لا تصلح حتى مأوى للحيوانات كما تقول؟

خسرت زوجها ومنزلها وحياتها وأجبرتها القوات التابعة للنظام على النزوح من منطقتها واستغلها شبيح وسارق يعمل مع عصابات الأسد.

تختتم سعاد قصتها بأنها تبذل كل طاقتها لتؤمن لطفلتها حياة كريمة وألا تعيش كما تعيش أمها ولا تعاني كما تعاني سعاد الآن. ذكريات مؤلمة لا تفارقها من زوج شهيد ورجل منافق استطاع خداعها ومن حياة تعيسة وملوثة تعيشها. لم يعد لديها سوى الأمل بانفراج قريب والعودة إلى منزلها أو التمكن من إيجاد عمل كريم تؤمن من خلاله إيجار خيمتها وتطعم طفلتها.