أخبار الآن | غازي عينتاب – تركيا – (سيف الدين محمد)
"هنا أيضا شيعة أفغانستان شعروا بالمسؤولية"، بهذه الشهادة من قائد ميداني إيراني في سورية، يفتتح الفيلم الوثائقي "معلّم" الكشف عن آليات التجييش السياسي لخدمة المدّ المذهبي برعاية إيران للتغلغل في دول المنطقة، وبشكل خاص عبر بوابة سورية.
المعلّم .. دين وسياسة
على مدار نصف ساعة من الشريط الوثائقي، يكتشف المشاهد أن الفيلم قد صُنع لهدفين: ديني يرمي إلى تبرير تواجد المليشيات الشيعية لمحاربة الثورة الشعبية في سورية، وسياسي يتمحور حول ضرورة بقاء النظام السوري كحامٍ للمقدسات الدينية الشيعية التي بغيابه سوف يتم تدميرها، "كيف لا والحرب في سورية قامت من أجل التخلص من المقامات الشيعية الموجودة في سورية، وتكريس المظلومية التاريخية" يتسائل أحدهم متهكمًا.
و"معلّم" هو اسم القائد المنفّذ لعمليات كتائب "لواء الفاطميون" الذي يظهر طوال الفيلم كمقاتل يسعى إلى رد الاعتبار للسيدة زينب ورقية، بعدما تم ظلمهم من قبل الآخرين "السنة". يقول: "على الرغم من ضعف الإمكانيات جاؤوا للدفاع عن المذهب وعن الولاية وعن السيدة زينب".
خطاب طائفي ..
يعرض الفيلم سلسلة من الخطابات الدينية التي تمجد الرموز الشيعية من داخل مقام السيدة رقية في دمشق القديمة، والتي تظهر مجموعة من المتطوعين القادمين من إيران ودول أخرى للدفاع عن المقامات وعن تجديد الولاء للسيدة زينب والسيدة رقية كما جاء على لسان "معلّم". ولا يحتاج المتابع إلى جهد كبير في تحليل مضمون الخطاب الطائفي الذي ينطق به المعلّم، المسؤول عن تنظيم الشباب وجلبهم إلى سورية، خصوصا وأن اسمه الحركي "معلّم" يتضمن إحالة رمزية لمرتبة دينية وعسكرية تستمد وجودها وأهميتها من الدفاع التاريخي عن "الظلم" المتعارف عليه في المرويات الشيعية الدينية.
"يا سيدة رقية صحيح أنك تهت في الصحارى وبقيت وحدك وضربت .. لكن جئنا لنقول أنك لست وحدك)". ولست وحدك تعني ضرورة قدوم الشباب إلى المحيط الديني السني، الذي يحتّم عليهم البطش بالسنة والبيئة الحاضنة للمقامات المتواجدة فيها، وهو الأمر الذي لم تسجل سابقا، قبل بداية الثورة، أية حوادث تشير إلى تهميش تلك المقامات أو التهجم عليها، بل على العكس كانت المقامات وجهة للشعب السوري إذ تُعد تلك المقامات رموزا دينية حاضرة في ثقافتهم اليومية، في الوقت الذي تم فيه إهمال "قصر معاوية" التاريخي في دمشق القديمة والقريب من مقام السيدة رقية، وبات مكبّا للقمامة.
جاء في الفيلم: "نحن شباب لواء الفاطميون جئنا للدفاع عن مقدساتنا ومعتقداتنا"، هذه العبارة اختزلت الثورة السورية، بمساعدة من النظام الطائفي في سورية وإيران، بأنها حرب مقدسة، تستهدف محو المكوّن الشيعي من المنطقة، وهو ما تم العمل والتعويل عليه في جذب المقاتلين إلى سورية، كيف لا وقد باتت بالنسبة إليهم حرب وجود، يكون الخيار فيها الموت دفاعا عن إثبات هوية مذهبية ما فتئت تعمل على شيطنة الآخر "السني" ووضعه في موضع القاتل مسبب "اللطميات" التاريخية المستمرة حتى اللحظة.
وتأتي أهمية وثائقي "معلّم" من توضيح آلية عمل المؤسسة السياسية الإيرانية مترافقة مع بنية مذهبية استطاعت التأثير على شبابها وجذبهم لتحقيق أهدافها. وشهادة واضحة من داخل البيت الإيراني في فهم تطلعاته التوسعية في المنطقة العربية.
الفيلم أختتم بجملة:(جئنا هنا للمقاومة)، وإهداء لروح قائد اللواء علي رضا توسلي وخليفته رضا بخشي "المعلم" الذي تم قتله على أيدي الثوار.