أخبار الآن | دمشق – سورية – (آية الحسن)

"ساعدونا لنأمنكن" وتقرأ باللهجة العامية. عبارة تجدها معلقة في ساحات دمشق الرئيسية مكتوبة على لوحات طرقية كبيرة وموضوعة في منتصف الساحة أو في مكان يراه المارة جيداً، وإلى جانب العبارة العامية صورة لرجل ينتمي لجيش الدفاع الوطني إلى جانب طفل أو رجل عجوز، وموقعة باسم الدفاع الوطني.

لم تسلم هذه اللوحة الإعلانية المباشرة والسطحية من التهكم والسخرية، حتى أنها أصبحت منذ يومين حديث الشارع حول المآرب التي تفكر بها جماعة القتل والسرقة من وراء هذه العبارات وهذه الصور التي لم تعد تعني لأي شخص سوري في دمشق بشكل خاص إلا سبيلا جديدا للاحتيال بطريقة مشروعة ومنظمة بمساعدة النظام، لاسيما وأن حوادث الانتهاكات التي تقوم بها عصابة "الدفاع الوطني" قد طالت معظم الشعب المغلوب على أمره.

الشعارات المستهلكة ..

تراوحت ردود فعل السوريين تجاه هذه الإعلانات، التي امتلأت بها شوارع العاصمة، بين السخرية والتهكم أو الحنق والغضب الشديدين.

"أبو محمد" يقع مكتبه في منطقة استراتيجية للإعلانات في منطقة "جسر فكتوريا" وسط دمشق، ُوضع نموذج من هذه اللوحات فوق مكتبه، يقول: "علاك مصدي -وصف عامّي باللهجة الشامية للكلام فارغ- نظرات المارة كانت تسخر مني ومن الإعلان".

أما "عمر" وهو طالب في كلية الاقتصاد في السنة الثالثة فيرى بأن هذه الخطوة هي:"عبارات فارغة لإعادة الثقة التي فقدها الدفاع الوطني منذ سنتين ونصف عندما كانوا يسرقون البيوت في المناطق التي يدعون أنهم يحمونها". وهو ما أكدته "سلمى" من سكان منطقة الزاهرة جنوب دمشق بجانب جسر المتحلق الجنوبي حيث وضعت لوحة كبيرة جدا من تلك اللوحات، إذ تقول: "الناس لن تنسى المجازر التي ارتكبها الدفاع الوطني في منطقتها ومنطقة التضامن ومخيم اليرموك والعديد من المناطق في جنوب دمشق. ومثل هذه المواد الدعائية لن تنفع للثقة بهم من جديد، فهم ليس إلاّ قتلة".

ذريعة الإرهاب ..

لم يترك النظام السوري فرصة لم يتخذها لتخويف المدنيين من الإرهاب، واللعب على ترهيب السوريين وخلق حالات نفسية قلقة، خصوصا فيما يتعلق بهواجس اقتحام داعش للعاصمة، وهو ما يطلق عليه أستاذ جامعي في علم النفس، لا نستطيع ذكر اسمه لأسباب أمنية، بـ "الوهم الأسود"، وهو يعني برأيه متلازمة خوف خلقها النظام توهم بأن المتصدي لها هم قوات جيش النظام والأمن والدفاع الوطني.

وخلال أكثر من أربع سنوات مضت من تاريخ الثورة السورية، والمتمعن في آلية العنف التي استخدمها النظام السوري في سورية من قتل وتهجير وحصار، سيدرك بأنه مهما كانت الأسباب والوسائل والنتائج، أصبح من المستحيل أن تحدث أي بارقة أمل للمصالحة أو المساندة بين الشعب السوري والعسكريين منه ومن اختاروا القتال دفاعاً عن الأسد. زد على ذلك أن السمة الأساسية التي يُعرف بها الدفاع الوطني في دمشق هي القسوة والجلافة وقلة الاحترام بالتعامل مع المدنيين خصوصاً إذا كانوا من غير الأقليات الطائفية الخائفة. 

إن مثل هذه الحملات الدعائية سيكون مصيرها التجاهل في ظل الكوارث الإنسانية التي تشهدها سورية اليوم، فما يحتاجه الشعب السوري لا يستطيع الدفاع الوطني ولا جيش بشار الأسد تحقيقه، لأن الهدف هو التخلص من عصابة الإجرام وتوابعها من المتخاذلين المتاجرين بالمواطن السوري. ولا تزال، رغم كل الاختناقات التي تعيشها دمشق، تلوح بارقة أمل تطل من على جبل قاسيون تؤكد أن: الثورة مستمرة.