أخبار الآن | عنتاب – تركيا – (سيف الدين محمد)

تركت الأزمة السورية نتائجها السلبية على قطاع التعليم بكافة مراحله، ولم تقتصر منعكساته داخل سورية فقط، بل تعداه إلى دول اللجوء. وقد شكّل هذا أزمة حقيقية موازية لجملة المشكلات التي يعاني منها السوريون. وتتفاقم هذه الإشكالية اليوم في تركيا نظرا لوجود نسبة كبيرة من الطلاب السوريين ممن انقطعوا عن تعليمهم الجامعي وما قبل الجامعي.

منح تعليمية وإجراءات صعبة ..

وجد الطلاب السوريون أنفسهم أمام واقع ضبابي حيال إمكانية إكمال تعليمهم أو الالتحاق من جديد بالمدارس والكليات على الأراضي التركية. وفي وقت غابت فيه الإرادة والاهتمام الجديين من قبل المسؤولين في الحكومة المؤقتة، بات على الطلاب أن يبحثوا بمفردهم عن خيارات الالتحاق بالمنح المقدمة أو التقديم على امتحانات الشهادة الثانوية مع ما تحمله من اللغط حولها خلال الفترة الماضية.

ساهمت الحكومة التركية في حل جزء من مشكلة الطلاب، فقد قدمت "مؤسسة المنح التركية" 5000 منحة للطلاب ممن يعيشون بانتظام في تركيا، مستثنى منهم من يعيش في مخيمات اللجوء، إضافة إلى إمكانية التحاق طلاب سورية من دول الجوار في المنح المذكورة. وتهدف هذه المنح إلى الإسهام في تنشأة طلاب قادرين على بناء سوريا بعد سقوط النظام. 

اصطدم الطلاب السوريين بجملة من الشروط الواجب تحقيقها للحصول على المنحة، ناهيك عن إجراءات إدارية بدت صعبة في حالات كثيرة. إذ إن لكل جامعة تركية نظامها التعليمي والإداري الخاص، وهو ما يؤثر بشكل واضح على إمكانية التقدم "للمفاضلة" وشروطها المتباينة من جامعة إلى أخرى.

يقول الطالب "عبد الإله. ح": "تشترط الجامعات كشوف علامات قد لا نستطيع تحصيلها خصوصا نحن الطلاب الذين انقطعنا عن الجامعة، إضافة إلى شرط إتقان اللغة التركية، وهو ما يحتاج إلى وقت وجهد كبير"، مشيرا في الوقت نفسه إلى عدم تعاون القائمين على الجانب التعليمي في الحكومة المؤقتة مع متطلبات الطلاب ولامبالاتها في معظم الأحيان.

أما الطالبة "ميساء. ح" فترى أن غلاء المعيشة هو العائق الرئيسي أمام إكمال تعليمها، خصوصا وأنها وجدت نفسها مسؤولة عن أسرتها بعد موت أبيها وهجرة أخيها إلى أوربا: "أعمل اليوم في تقديم وجبات طعام سوري لبعض العائلات وهو ما يجعل إمكانية التحاقي بالجامعة أمرا في غاية من الصعوبة".

معاهد تعليمية وجامعات خاصة ..

في ظل غياب التنسيق والاهتمام الرسمي متمثلا بوزارة التعليم في الحكومة المؤقتة، بادرت جهات "تجارية" إلى افتتاح معاهد تعليمية متنوعة، منها ما اختص في التعليم ما قبل الجامعي والآخر اهتم بتعليم اللغة التركية ومحاولة تأهيل الطلاب للتقدم إلى الجامعات.

وفي هذا يقول أحد أصحاب المعاهد تلك، إن: "فشل الحكومة في تأمين دورات مجانية وغياب اهتمام في تدريب الطلاب على مهارات التواصل مع الجامعات دفعنا إلى إنشاء مشاريع تعليمية يكون الربح جزءا من سياستها".

من جهة أخرى، ظهرت معاهد تدريبية خاصة ضمنت برامجها دورات تأهيلية في بعض التخصصات لفتح إمكانية فرص في سوق العمل، وظهرت جامعة خاصة هي "جامعة الزهراء" التي تقدم برامجها وفقا لتوجه إسلامي يفرض الالتحاق بها جملة من الشروط الخاصة، في الشكل والمضمون.

برامج سورية في الجامعات الرسمية ..

كل هذا يحدث في ظل توجيه رسمي تركي بفتح برامج باللغة العربية في ثمان جامعات تركية. وكان مجلس التعليم العالي، قرر فتح برامج خاصة للطلبة السوريين ضمن برامج قبول الطلبة الأجانب في جامعات (حران وغازي عنتاب و مرسين) وغيرها. لكن سوء التنسيق الواضح من قبل الحكومة السورية المؤقتة جعل هذه الخطوة بطيئة وغائمة حتى اللحظة. مع العلم بوجود مجموعة من الأكاديميين السوريين في تركيا، من حملة الدكتوراه والماجستير، الذين يستطيعون أن يقودوا عملية التعليم الجامعي بناء على القرار السابق. وفي هذا يرى "د. عبود. ع" أن:"الكفاءات العلمية الموجودة في تركيا تحتاج إلى تنسيق جدي لخلق فرص عمل للأكاديميين وإكمال الطلاب لتعليمهم الجامعي. نحتاج إلى شفافية في التعامل معنا من أجل صالح سورية".