أخبار الآن | سوريا – الرقة (ورد العلي)

أحكامٌ كثيرة بات يطبّقها داعش بحق المدنيين في مناطق سيطرته، حيث بدأ بفرض "الحدود الشرعيّة" كما زعم، لكنّ بطرق وحشية تعود بالإنسان إلى العصور البدائية الأولى.

كانت البداية بالحدود التي اعتبروها مأخوذة من أحكام القرآن والسنّة النبوية كـحد "السرقة والزنا والكفر"، فشهدت مدينة الرقة أكثر من حالة قصاص طُبّقت على المتهمين من المدنيين كما ادّعوا، متخذين من الدين ستاراً للتفنّن بإجرامهم، حتى باتت أساليبهم تلك حديث الشارع في مناطق سيطرتهم.

"أبو صالح " رجلُ ستيني يتحدّثُ لـ"أخبار الآن" عن تلك الأحكام؛ فيقول: "في البداية راحوا يفرضون علينا هذه الأحكام على أنّها من القرآن، وأنّ هذا شرع الله وتلك حدوده، وعلينا تقبّلها، فشهدنا حوادث قطع يد لأشخاصٍ كانوا متهمين بالسرقة، وتم تنفيذ تلك الأحكام على العلن وبدون رحمة، ونحن نعلم أن الحاجة والجوع قد تجبرُ الإنسان على فعل أي شيء حتى السرقة، فلو أنهم وعوائلهم شعروا بالجوع مثلنا لاضطرَّوا لفعل أكثر من ذلك لكنّهم يعيشون حياة الأمراء، فتجدهم طوال وقتهم في الأسواق يتبضعون لهم ولأهلهم أو في المطاعم يتمتعون بخيراتنا، بينما تجد أبنائنا يأكلون من الحاويات وأكياس القمامة على الجهة المقابلة من تلك المطاعم".

ويكمل أبو صالح حديثه، بالقول: "قبل أن يقطعوا يد من سرق كما يزعمون فليقطعوا أيديهم لمّا سرقوا منّا بيوتنا وسياراتنا ومحلاتنا ونهبوا خيرات بلدنا".

أم محمود "أرملة، وأمُّ لأربعة أطفال" تتحدّث لـ"أخبار الآن" عن تلك الأحكام، وتقول: "أنا بتُّ أخاف على نفسي منهم، بعد أن أقاموا حد الرجم على نساء اتهموهنَّ بالزنا، فأنا أعيش وأطفالي بمفردنا، وأخاف أن يتجنَّوا علي بتهمة كهذه، فجميع اللواتي تم تطبيق حد الرجم بحقهنَّ علمنا ببراءتهن لاحقاً، وليس كما ادعى عليهنَّ التنظيم، حتى أنهم لم يأتوا بشهودٍ على الحادثة ولو كانوا يريدون تطبيق هذا الحد بكلِّ أمانة، فكان الأولى بهم مراجعة تاريخ عناصر كتيبة الخنساء النسائية التي يعلم جميع سكان المدينة خلفياتهن السابقة، وماذا كنَّ يعملن قبل انضمامهن  لـ"داعش" وإعلان البراءة على يد عناصره".

وتضيف أم محمود حديثها: "لي أربعة أطفال، صرت أخاف أن يخرج أحدهم إلى الشارع ليلعب فيه، فهم أطفال وأحياناً لا يعلمون ما ينطقون، فلا أريد أن يخطئ أحدهم بكلمة فيعتبرونها كفراً فيقتلونه كما حدث مع الطفل "محمد قطاع" في حلب، الذي تم قتله بسبب تلفظه بكلمة ساعة غضب".

وفي نهاية حديثها، تقول أم محمود: "لا نستطيع مواجهتهم بكلامنا هذا، ونحن نعيش على مبدأ المثل القائل: (الي ما بيخاف الله خاف منو)".

قصي، شاب عشريني من المدينة، روى لـ"أخبار الآن" عن الطرائق المختلفة للقصاص ابتكرها داعش حديثاً، ونفذها بحق المدنيين العُزل، فيقول: "قبل أيام شهدت المدينة حادثة رمي رجل من بناء مؤلف من ستة طوابق، وكانت تهمته (اللواطة) لم أدري من أين جاؤوا بهذا الحكم، وبطريقة الموت الشنيعة تلك، حتى أن الرجل لم يفارق الحياة بعد رميه، فأكملوا جريمتهم بعد سقوطه، وقاموا بالتخليص عليه".

ويضيف: "مؤكد أنّ العالم  كله شاهد حادثة حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، وكيف تم وضعه في قفص لتلتهمه النيران، كانت جريمة بشعة ومقززة، وليست حكم على مجرم كما يزعمون، أمّا صديقي الذي كانت تهمته بأنه كان مقاتلاً في صفوف الجيش الحر فقد كانت عقوبته القتل والصلب لمدة ثلاثة أيام في ساحة المدينة، وآخر كانت عقوبته قطع الرأس لأنه يعمل بالمجال الإعلامي".

وينهي قصي حديثه قائلاً: "طرقٌ كثيرة استخدمها داعش في قتلنا، فهم إنْ تمكنوا زادوا في بطشهم أكثر وإنْ خسروا ابتكروا طرائق جديدة للانتقام منّا، أجارنا الله منهم وما خفي أعظم".

هكذا استطاع داعش بأساليبه الوحشية أن يزرع الرعب في قلوب المدنيين العُزل، ليجبرهم على الانصياع لرغباته وأوامره، متخوفيّن من انزال تهمة بأحدهم دون علمه، فيقتّصون منه إما بحرقٍ أو قطع رأس أو صلب أو أي طريقةٍ أخرى لا تخطر على بال، فقريحتهم الإجرامية

تجود علينا كلَّ فترة بأساليب تعذيب جديدة قد تجعلنا مادة إعلامية تتناقلها الوكالات وقنوات التلفزة العالمية، وهي مبهورة بأساليب الموت الداعشية المبتكرة.