أخبار الآن | ريف إدلب – سوريا ( محمد قدور )
تعاني المناطق المحررة في سوريا ظروفا معيشية صعبة ونقصا في أبسط مستلزمات الحياة وأهمها المياه، ومع إستمرار تدهور الأوضاع الأمنية في البلاد تزداد المصاعب أكثر وتطفو مشكلات كبيرة أبرزها الآن المياه الجوفية والتي تعد أهم مصادر مياه الشرب والري الزراعي في المناطق المحررة في ريف إدلب، إلا أن هذا المصدر الرئيسي للمياه مهدد اليوم بالإنحسار والجفاف وذلك نتيجة حفر الآبار بطريقة عشوائية في ظل غياب أي قوانين أو مراقبة لهذه العمليات من الحفر العشوائية والتي تهدد بجفاف أهم مصادر المياه.
ظاهرة حفر الأبار إنتشرت بشكل كبير بعد عامان من القحط وقلة الأمطار والجفاف فإتجه أغلب المزارعين لحفر الآبار بشكل عشوائي وللأسف لم يدرك الكثير منهم المخاطر التي قد تنتج عن هذه الآبار.
فادي عبيد مهندس زراعي تحدث لأخبار الآن: "إن معظم الدراسات المائية للمياه الجوفية تفيد أن 75٪ من المياه الجوفية في سوريا سينضب بحلول 2020 وأضاف عبيد أن الحفر العشوائي للأبار وبشكل غير منظم له عواقب سيئة وأضرار خطيرة على مخزون المياه الجوفية حيث أن الحفر يستهدف الوصول إلى المياه على مسافات بعيدة في باطن الأرض مما يؤدي إلى إنخفاض منسوب المياه بشكل سنوي يصعب تعويضه وذلك بسبب كثرة الحفر ويضاف أيضا الحفر بالقرب من مكبات الصرف الصحي وهو أمر أيضا بالغ الخطورة حيث يمكن لهذا الأمر أن يتسبب بتسرب جزء من الصرف الصحي إلى الأبار وتلوث مياه الشرب وإنتشار الأمراض والأوبئة، وهذا الأمر سينعكس ضررا على الأهالي وعلى المحاصيل الزراعية ".
وفي ظل الظروف التي يعيشها الأهالي في المناطق المحررة وعدم توفر أبسط مقومات الحياة كالماء والكهرباء والغاز وتراجع الإنتاج الزراعي زادت الأعباء على الأهالي في ريف إدلب ولجأ كثير منهم لحفر الأبار الجوفية لمواجهة نقص المياه وعدم توفرها بعد أن قامت القوات التابعة للنظام بقطع الماء والكهرباء عن المناطق المحررة، لكن حفر الأبار بحاجة إلى شروط عدة بحسب أحد الأهالي في مدينة بنش ويقول أبو محمد لأخبار الآن: "عند الحفر يجب الأخذ بعين الإعتبار طبيعة مكان الحفر وأن يكون ثمة مسافة بين البئر والأبار الأخرى في المكان وبعض الشروط المتعلقة بالسلامة العامة أثناء الحفر".
أما "أ. ر" مزارع في ريف إدلب وصاحب أحد الآبار تحدث لأخبار الآن عن سبب الحفر: "قبل الثورة كانت هناك صعوبات كبيرة جدا ومبالغ كبيرة تدفع رشاوي للنظام للسماح بحفر مثل هذا البئر اليوم واليوم أصبح لدينا كامل الحرية للإستفادة من المياه التي نستخرجها من الأراضي وهذا الأمر سينعكس إيجابا على المحاصيل الزراعية التي تراجع إنتاجها مؤخرا بسب قلة الأمطار وأضاف المزارع أنه بالرغم من التكلفة الباهظة للحفر إلا أنها تكلفة تدفع مرة واحدة فقط".
من جانبه "م. د" وهو صاحب آحد الآبار أيضا فإنه يسثتمر البئر لتوزيع المياه على الأهالي يقول لأخبار الآن: "بعد قطع المياه من قبل النظام وتوقف مؤسسة المياه عن العمل كان لا بد من إيجاد بديل لتوفير مياه الشرب للأهالي والمناطق المحررة ولجأت إلى حرف أحد الأبار الجوفية لإستخراج مياه الشرب منه ونقلها للناس، وأضاف أن هذا البئر أصبح مصدر رزق له كي يستطع العيش والإستمرار في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الأهالي في المناطق المحررة، وأضاف أنه غير قادر عن الإستغناء عن هذا البئر لأنه مصدر رزقه الوحيد".
ظاهرة حفر الآبار إنتشرت بشكل كبير في المناطق المحررة وتزداد المخاوف من جفاف قد تشهده هذه المناطق لا يدرك الكثير من الأهالي خطورة الحفر العشوائي الآن لكن سيكون الثمن باهظا فيما لو جفت المياه الجوفية وستكون المعاناة أكبر خصوصا في ظل الظروف الصعبة التي يعيشيها الأهالي سواء على الصعيد الأمني أو الإقتصادي والطبي وإنقطاع المياه والكهرباء والخدمات، أحد الناشطين في ريف إدلب قال لأخبار الآن من المهم جدا وضع قيود ورقابة على عمليات الحفر وعدم تجاهل هذا الأمر لأنه بالغ الخطورة وسيكون له تداعيات سلبية كبيرة مستقبلا إن لم يتم وضع حد لعمليات الحفر.