"أحمد" طفل من أحياء درعا المحررة من قوات نظام الأسد بعمر اثني عشر عاماً، فقد والده في إحدى معارك ريف درعا منذ قرابة العام، واضطر الصغير لترك مدرسته، والبحث عن عمل ليستطيع مساعدة أخوته الأربعة ووالدته، كونه الأكبر سناَ بين أخوته، ليحمل ثقلاً ليس بمقدور جسده الصغير تحمله.
يقول الصغير لـ"أخبار الآن" عن عمله: "اليوم الذي أبيع فيه بشكل جيد أكون قد ربحت 300 ليرة سورية، ولكن غالباً ما أعود إلى البيت بنصف البضاعة، وأحياناً لا استطيع الخروج من البيت، وأحيانا أخرى أقف ساعات مطولة في البرد دون أن أبيع شيء".
ويضيف أحمد: "تركت المدرسة بعد ان استشهد والدي، وليس لنا معيل غير أمي، ولا يمكنها أن تعمل شيء فأخوتي كلهم أصغر مني، وعليها رعايتهم، ولولا الوضع الذي وصلنا اليه كنت سأكون اليوم في الصف السادس الابتدائي، خصوصاً أنى نجحت في العام الماضي بتقدير جيد".
بدورها، تقول والدة "أحمد": "لم يكن أمامي من حلول سوى أن أدعه يعمل، خيراً من مد يد الحاجة للناس"، مضيفةً: "صحيح أننا نتلقى مساعدة من إحدى الجهات الثورية، إلا أنها لا تكفينا في هذا الغلاء الفاحش، وكل شيء تضاعف سعره، وهؤلاء أطفال، لا يدركون ان الحال تبدلت، لذلك عمدت على بيع إسواره أهداني إياها زوجي ليعمل بها أحمد، ويساعدنا في مصروفنا اليومي".
في شوارع المدينة كثيراً ما ترى أطفال في الشوارع ينادون على بسطات، أو في محال تجارية يعملون بها، جلهم ممن فقد أحد والديه أو كليهما، وخصوصاً أن المكاتب الإعلامية وثقت مقتل ما يقارب الـ 1700 مدني فقط في درعا البلد وأحياءها المحررة بقصف طيران النظام، جلهم من عوائل فقدت أحد معيليها.
بعض المنظمات الإغاثية والإنسانية، والجمعيات الخيرية في المدينة تحاول سد الفراغ بكفالة الأيتام، بمبلغ مالي شهري بحسب عدد أفراد العائلة من الأطفال، وغالباً ما تتوقف عملية دفع المبالغ المالية على الدعم المقدم لهذه الجمعيات، الأمر الذي جعل بعض العوائل تعمد على تشغيل بعض الأطفال، لعدم استقرار الدعم.
"رابطة أهل حوران" إحدى الهيئات الثورية الإغاثية، وتكاد تكون الوحيدة التي تقدم مساعدة للأيتام في مدينة درعا، ولكن هذه المساعدة ليست دائمة أو منتظمة، بل تقدم بشكل متقطع، وفقاً للدعم الذي تحصل عليه الرابطة من الجمعيات، والمنظمات الإغاثية، والإنسانية.
وتقول السيدة إيمان المسؤولة عن ملف الايتام في الرابطة، لـ"أخبار الآن": "تقدم الرابطة 100 دولار ككفالة يتيم لكل عائلة استشهد معيلها في الحرب، وإذا كان عدد الاطفال أكثر من 3 تقدم كفالتين لطفلين فقط"، مضيفةً: "لكن هذه الكفالة قد تنقطع احياناً، بسبب توقف الدعم والمساعدات، ولكننا نحاول قدر الإمكان الاستمرار بمساعدة الايتام، من خلال توزيع مساعدات عينية في بعض الأحيان، كالملابس والمؤون الغذائية، واللوازم المدرسية".
الطفلة "شام" هي الأخرى فقدت والدها برصاصة قناص قوات النظام على أطراف المدينة، ولم تتجاوز العاشرة من العمر، وكل ما تعلمه أن والدها استشهد برصاص عناصر قوات الأسد، منتظرة لعبة كان والدها قد وعدها بها قبل خروجه من البيت، وعنه تقول: " لا أريد ألعاب، أريد أبي".
والأمر بالنسبة لأطفال المدينة أيتاماً أو غير أيتام لا يتوقف عند المساعدة المالية، بل يتعداه الأمر إلى الحاجة للدعم النفسي جراء ما يعانيه أطفال المدينة من ويلات قصف قوات النظام، وما يخلفه من رعب في نفوسهم، وهنا تقوم بعض منظمات الدعم النفسي كغصن زيتون، وبسمة، وعطاء، وغيرها بتنظيم بعض الحفلات ومعارض الرسم للترفيه عن الأطفال الأيتام وزرع الابتسامة على وجوههم.