أخبار الآن | منبج – حلب – سوريا – (جلال زين الدين)

مع بسط التنظيم سيطرته على مساحة جغرافية واسعة ومهمة من سورية، بدأ باستثمار المرافق والممتلكات العامة اقتصادياً وكأنّه فعلاً دولة تملك حق التصرف في هذه الممتلكات بدءاً من السدود وآبار النفط وليس انتهاء بالساحات العامة والحدائق والكراجات، لكنّ اللافت ابتكار التنظيم وسائل جديدة لتحصيل المال وإن كانت المبالغ متواضعة مقارنة مع النفط.

البحث عن موارد دائمة

بدأ التنظيم جباية فواتير الكهرباء والماء من المواطنين السوريين الخاضعين لسيطرته، وسترفد هذه الفواتير خزينة التنظيم بملايين الدولارات، يقول المدرس أبو حسن من جرابلس: "فرض التنظيم 100 ليرة سورية على كل غرفة تجبى كل شهرين، ناهيك عن مبالغ أعلى من المحلات والورش والمصانع، وهذا المبلغ يبدو بسيطاً لكن لو حسبنا عدد البيوت لوجدناه مبلغاً كبيراً جداً يصل لمليارات الليرات سنوياً" كما أن الاستمرارية (التجدد) أهم ما يميز هذا المورد.

ولم تقتصر الفائدة على الموارد القديمة (السدود، الصوامع، المحطة الحرارية) بل ابتدع التنظيم موارد جديدة فمنذ مدة بدأ ببناء أكشاك في الحدائق العامة كما حصل في حديقة المنصور وسط مدينة منبج كبرى مدن ريف حلب الشرقي عندما أخذ قسماً من الحديقة عقب قطع بعض الأشجار مع جزء من الرصيف المحاذي لها والمحلات الآن شبه جاهزة إذ قام بتأجير المحل ب 8 ألف ل س شهرياً، وأخذ الآجار سلفاً لمدة ستة أشهر، علماً أنَّ عدد المحلات يفوق 70 محلاً، يقول أحمد صاحب محل تجاري في السوق الرئيس في منبج: "التنظيم يعتبر البلد ملكاً له لذلك يفعل ما يشاء ولا يوجد من يعارضه خوفاً من بطشه".

وقد سببت هذه الخطوة ضرراً لأصحاب المحلات ولا سيما أنها ترافقت مع إغلاق بعض الطرقات،  يتابع أحمد: "السوق قديم وشوارعه ضيقة وتشكو ازدحاماً وتراكماً للأوحال ولا سيما في فصل الشتاء، وبدلاً من قيام التنظيم بتحسين النظافة وتسيير الحركة قام بتضييق الشارع الضيق وتقليص الحديقة التي كانت متنفساً للسوق، ومحطة استراحة لأبناء الريف"، في حين يدعي التنظيم أنّ الهدف تجميل المدن وتنظيمها، وخلق فرص عمل للمواطنين، ولا سيما أنّ توزيع المحلات يتم بالقرعة، في حين يرى قسم من الأهالي أنّ تقليص مساحات الحدائق وبناء محلات تجارية كما حصل بالحديقة العامة في منبج حيث بُنيت سبعة محلات تجارية ومطعم مكنَ ذلك التنظيم من تأمين موارد إضافية بدعوى تحسين الوضع الخدمي في المدن.

ومن الجدير بالذكر أن العاملين في مطعم الحديقة العامة التابع للتنظيم بشكل غير مباشر لا يلبسون اللباس الشرعي الذي يطالب به التنظيم المواطنين العادين، مما يعني أن التنظيم يفكر بطريقة تجارية بحتة، يقول حسان وهو طالب جامعي:" إن مطعم الحديقة أسعاره أرخص من غيره إلى حدٍ كبير، ومن الجدير ذكره أن هناك عددا من خيم الإغاثة (التي استولى عليها التنظيم) موجودة في الحديقة ويستخدمها التنظيم كجزء من المطعم ومن بينها خيمة كبيرة ادعى أنه سيستخدمها للصلاة في أحد المخيمات بعد أخذها من تجمع للنازحين كانت معدة للعلب الأطفال في الشتاء".

ومن الضرائب المبتكرة فرض 1500 ل س على كل سيارة نقل للركاب متوجهة لمناطق النظام سواء أخرجت من مناطق التنظيم أو تعبر مناطقه متوجهة لمناطق النظام، فالتنظيم لا يعجز عن إيجاد الحيلة لرفد خزينته.

حتى الأوقاف لم تسلم من الاستثمار

أفاد م ع صاحب أحد المحلات لأخبار الآن أنّ التنظيم خيّر أصحاب المحلات العائدة للأوقاف في محيط المسجد الكبير بين ترك المحلات أو دفع آجار مماثل للمحلات الأُخرى، يذكر أنّ معظم المحلات اشتراها المستأجرون من مستثمرين سابقين، وكانوا يدفعون آجاراً رمزياً للأوقاف، يتابع م ع: "مع سيطرة التنظيم فرض 4 آلاف ليرة آجاراً شهرياً ليرفعه لاحقاً إلى آجار المحلات التي تملك من قبل الأهالي فأصبح الآجار بين 40 و 60 ألفا شهرياً" واضطر أصحاب المحلات لدفع الآجار خشية أن تضيع المحلات من أيديهم إلى الأبد، يتابع م ع : "لا أعلم ما الذي ذكر التنظيم بهذه الدفاتر القديمة، فلا شك أنهم بعض الحاسدين، ونحن مجبرون على دفع آجار محلات اشتريناها خشية أن تضيع منا".

فالاستثمار يطال كل الموارد والمرافق، وهناك نية لاستثمارات جديدة كفرض الضرائب على السيارات والتجار تحقق للتنظيم موارد مادية لا تقل أهمية عن آبار النفط إضافة لترسيخها سلطة التنظيم كدولة تستطيع جباية الضرائب وتحصيلها.

وتتميز هذه الموارد بأنها متجددة ولا تكلف التنظيم شيئاً سوى الموظفين الذين يقومون بجمع الأموال، ولاقت هذه الخطوات استياء لكون التنظيم لا يقدم شيئاً معتبراً للأهالي.