بعد الوقوف لمدة ساعة كاملة، يعيد إليك العنصر بطاقتك الشخصية وعليها خط باللون الأسود وبدون أن يقول لك أية كلمة، يتركك حائراً أمام شطب لا تعرف ما يعنيه في حال طلبها منك الحاجز التالي.
أحمد طالب جامعي يقول لـ"أخبار الآن": "اعتدنا على الانتظار ساعات على الحواجز العسكرية التي تمزق مدينة دمشق ولا يمكنك الهرب منها، وإن كنت مطلوباً أم لم تكن، فأنت سجين هذه الساعات التي لا يمكنك خلالها التحرك أو التساؤل، تنتظر صامتاً أن يعيدوا لك بطاقتك الشخصية، وبعد التفيش للتأكد من إنك لست إرهابياً وغير مطلوب لأفرع الأمن أو الخدمة الإلزامية او الاحتياطية، يعيدونها ولكن مع خط باللون الأسود عليها. وهي علامة تدل على إنك في حالة خطر. حيث من الممكن أن تكون مطلوباً لفرع أخر إذا لم يتم التأكد من براءتك تماما".
هذه هي الطريقة التي تعتمدها الحواجز العسكرية مؤخراً للإيقاع بالمواطنين المدنيين وخصوصاً الشباب.
ويروي أحمد ما حدث معه على حاجز فرع المنطقة المتواجد في منطقة الزاهرة الجديدة في جنوب العاصمة دمشق، ويقول: "أوقف العسكري الباص وطلب البطاقات الشخصية من الجميع دون استثناء النساء والكهول كما هي العادة، وغاب لمدة ساعة كاملة وعندما عاد طلب بالاسم شابين دون أن يقول لهما سبب استدعائهم، عرفنا أنهم ربما قد يكونوا متخلفين عن الخدمة العسكرية، ولكن ما أثار استغراب الجميع ما قد رُسم على البطاقات الشخصية الأخرى رغم إعادتها لأصحابها".
ويكمل: "لم أنتبه للخط الاسود الذي رُسم على بطاقتي الشخصية حتى أبرزتها أمام مبنى كلية الآداب وطلبوا مني معرفة سبب الشطب، فأخبرته بأن البطاقة تلونت بالحبر عن طريق الخطأ، ولكن هذا لم يجدي نفعاً، يبدو أن الحواجز العسكرية قررت أن ترسم خطوط للأمد البعيد، ولتحذير الحواجز الأخرى التي ستمر عليها في طريقك، حتى تتم معاقبة حامل الهوية السوداء كما درجت تسميتها بين الشباب اليوم".
إشارة على البطاقات الشخصية للفتيات!
"زينة وأمل" ترويان أيضاً ما تتعرض له الفتيات على الحواجز العسكرية من مضايقات إثر هذا الخط الأسود الذي يميز بطاقاتهم الشخصية على أنها معطوبة أو أن صاحبها سيتعرض للمساءلة والتفيش، كما سمياها.
واعتمدت الحواجز العسكرية منذ بداية الثورة طريقة مشابهة، فقد كانت تتعمد الإشارة للبطاقات الشخصية إما بكسرها أو طيها لتصبح تالفة وغير مقبولة في أية معاملة ولا يستطيع صاحبها إبرازها في أي مكان، بل وتعرضه للمسائلة والتحقيق والاعتقال.
تقول أمل، طالبة جامعية: "بعد أن قمت بالتساؤل حول هذا الموضوع عرفت أن هذه الإشارة تعرض حامل الهوية للتفييش على كل الحواجز، ظناً منهم أن حاملها قد يكون مطلوباً لأحد الفروع الأمنية وقد شكوا بأمره، فما كان مني إلا أن حاولت مسحه عن بطاقتي رغم إنها خدشت، ولكن يبقى الخدش أقل ضرراً من العلامة السوداء".
وأفاد أحد الناشطين في المنطقة الجنوبية، أن هناك إشاعة تناقلت مؤخراً في المنطقة وهي أن هناك خلية نائمة كما يسميها النظام وأعوانه في منطقة الزاهرة الجديدة، مؤلفة من خمس فتيات شابات جامعيات، وطلب من جميع حواجز المنطقة تفتيش حقائب الفتيات وتفيش بطاقاتهن الشخصية وكل من يشك بأمرها يتم توقيفها أم الأخريات فتُعلم بطاقتهن باللون الأسود، أمّا بالنسبة للشباب فهي لتوريط صاحبها بمشاكل إذا كان من إحدى المحافظات الثائرة.
هذا وتكبر قائمة التهم التي من الممكن أن يلحقها النظام وأعوانه المنتشرين في شوارع العاصمة بالشبان لغايات وأسباب يجهلها صاحبها. وما هذا إلاّ لإحكام الطوق الأمني الخانق على المدنيين بحجة أن جنوب العاصمة دمشق هو بيئة حاضنة للإرهاب كما يسميها نظام بشار الأسد.