يحاول نظام الأسد الضغط على الغوطة الشرقية بكافة الوسائل, كان أخرها سبباً في مقتل عشرات المدنيين بعد أن قام الجيش السوري الإلكتروني بإختراق صفحة "تنسيقية حمورية" على الفيسبوك ونشره أخباراً أنهم سيقصفون الغوطة وسيقتحمون حمورية قريباً ويغتصبون نساءها.
بعد عدة أيام من هذه التهديدات, ارتكب النظام أمس مجزرة مروعة في بلدة حمورية أثناء خروج المصلين من المسجد بعد صلاة الجمعة بعد ان استهدفتهم طائرات النظام الحربية بصاروخين فراغين، في ساحة البلدة الرئيسية المكتظة بالمدنيين.
يروي الحاج أبو أحمد، أحد الناجين من هذه المجزرة، ما حصل بالقول: "كنت خارجاً من صلاة الجمعة، ومسرعاً إلى المنزل لأنني كنت خائفا من صوت الطائرة التي كانت تحلق فوق رؤوسنا, فجأة سمعت صوتاً عالياً جداً، وانبطحت على الأرض, كانت لحظة شديدة الرعب, وعندما فتحت عيني رأيت أمامي منظراً لن أنساه في حياتي, الدخان يملأ السماء وأشلاء الجثث في كل مكان من حولي بعضها يحترق أمام عيني, ركضت مسرعاً لإسعاف الجرحى، إلى هذه اللحظة لم استوعب ما حدث وأشعر أنني كنت في حلم".
بدوره يقول أبو أسعد: "يحاول النظام إقناع الدول الغربية أنه يحارب المسلحين والإرهابيين في الغوطة الشرقية، وأنه يقوم بحماية المدنيين, لكن الحقيقة تقول أنه أكثر من يقتل المدنيين، ويضيف: "قبل الضربة بنصف ساعة تقريباً، انتشر خبر بين الأهالي أن إحدى البسطات في ساحة حمورية تقوم ببيع السكر بسعر 1500 ليرة سورية، بعد أن وصل سعره إلى 3500 ليرة سورية, ما جعل كثير من الناس يتجمعون في الساحة لشراء السكر بسعر أرخص مما يشترونه عادة, وعندما سمعت هذا الخبر ذهبت مسرعاً لشراء السكر، وفي طريق عودتي إلى المنزل سمعت صوت الصاروخ رأيت الهلع على وجوه الناس, وعندما استفسرت عن مكان الضربة أخبروني أنه في الساحة التي تجمع فيها الناس لشراء السكر, وأن الشهداء والجرحى بالعشرات".
وامتلأت المشافي الميدانية في الغوطة الشرقية بالجرحى, لكن الوضع مأساوي للغاية بسبب عدم قدرة المشافي الميدانية على استيعاب الأعداد الكبيرة من الجرحى.
ونقل مراسل أخبار الآن عن "أبو عبد الرحمن" الطبيب الميداني في إحدى المشافي: "بين الشهداء 6 أطفال، وأكثر من عشرة شهداء مجهولي الهوية, أما بالنسبة للجرحى, فهم بالعشرات بينهم نساء وأطفال, أغلبهم في حالات خطرة, الوضع مؤلم بشدة في المشافي الميدانية, والوسائل الطبية بسيطة، كما أننا نعاني أيضاً من قلة المسكنات والمعقمات وأدوية خفض الضغط داخل القحف مثل "المينيتول".
وأردف: "استقبلنا في المشفى عدة حالات بتر وكسر للأطراف, والعديد من الجرحى يعانون من حروق شديدة في الجلد, واجهنا صعوبة في علاجهم بسبب وجود كمية محدودة من أدوية الالتهاب, كما أنهم يحتاجون إلى تغطية انتانية واسعة, وإلى كمية كبيرة من السوائل التي لا تكفي للجميع".
لكل جريح في تلك المشافي قصة وإحدى القصص رواها لـ"أخبار الآن" الطبيب أبو حمزة، ويقول: "وصل إلى المشفى جريح يبكي ويتألم, لم يكن يتألم من جرحه إنما كان يتألم لأنه رأى رأس طفله يطير أمام عينه وبدأ يتوسل إلى الأطباء ويطلب منهم البحث عن طفله "موسى" وأخبرهم أنه كان يلبس حذاء أبيض كي يتم التعرف عليه قبل دفنه".
ويضيف الطبيب: "يوم حزين عاشه أهالي بلدة حمورية مجزرة مؤلمة حوّلت أجمل ساحاتها إلى ركام وخراب, لحظات صعبة وذكريات مؤلمة انطبعت في القلوب لتضاف إلى قائمة الجروح الموجعة, لكن رغم كل الجروح نحن صامدون ولن نستسلم, وسيتلاشى سراب الأسد أمام هدير اصوات ثورتنا ودماء شهدائنا الزكية، وسنثبت أنهم ما زالوا أحياء ودليل حياتهم نزيف الدم لأن الموتى لا ينزفون".