على الرغم من كثرة المجازر المتتالية التي خلفها طيران النظام في مدينة الرقة، واشتداد مصاعب الحياة فيها، وحالة الرعب التي يعيشها السكان بسبب تنظيم داعش الذي لم يرحم أحداً، لا يزال هناك الكثير من العائلات التي ترفض مغادرة الرقة، والتخلي عن بلدهم الذي بنوا فيه آمالهم ومستقبل أولادهم.
داعش لم يترك للمدنيين شيئاً إلا وحرّمهم منه، فمن إلغاء المناهج الدراسية في البداية، ووضع منهاج جديدة، إلى إغلاق جميع المدارس والجامعات في الرقة، وإصدار قرار بمنع سفر الإناث أو خروجهن بدون محرم، لتعود وتصدر قرار جديد يمنع النساء دون الثلاثين بالخروج من الولاية.
تروي أم علاء "27 عاماً"، موظفة في قطاع التربية، بالقول: "أنا أرملة، لدي ثلاثة أطفال، ومع ذلك لم يسمح لي التنظيم بالسفر لاستلام راتبي الذي نعيش منه، لا أدري لماذا يصدرون هذه القرارات جزافاً، ومع ذلك فأنا وأولادي لن نخرج من الرقة طالما بقينا على قيد الحياة".
بدوره، يقول أبو عدي: "كل إنسان وظروفه، لكن بالواقع إذا توفيت في الغربة سيكون قبري ضيقاً وتراب الأرض التي أدفن فيها غريبة علي أما تراب الوطن أنعم من الحرير، الموت علينا حق، وأنا شخصياً لن أخرج من الرقة حتى بعد انهيار آخر جدار فيها ورحيل آخر مسلح من داعش منها".
ويأبى كثير من أهالي الرقة الخروج من المدينة بالرغم من غلاء الأسعار على جميع الأصعدة بالنسبة للمواد الغذائية، وأسعار المحروقات مع قلة المردود المادي لأغلب العائلات، وصعوبة حصول الموظفين على رواتبهم واضطرارهم للسفر الى مناطق النظام لاستلامها.
يقول أبو أمجد: "لن أغادر مدينتي بالرغم من المصاعب التي نواجهها في الوقت الحالي من قصف وظلم، وانقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر، فمع أني موظف بدخل قليل ربما ﻻ يكفي لأسبوعين في الشهر، وخوفي دائماً على أولادي وأقاربي من القصف ومن ظلم التنظيم، ولكن عندي إيمان يقين أن هذا الوضع لن يطول وستعود مدينتا كما كانت سابقا بفضل أهلها المتمسكين بأرضهم".
وعلى الرغم من استحالة الحياة في "الرقة "التي تعتبر اليوم من أخطر مدن العالم، فهي مستهدفة من الأرض والسماء، ومع كل هذه الحمم التي يقذف بها أهل الرقة ﻻ يزالون صامدين بوجه الموت.
"أم البراء" ترفض مغادرة الرقة كون أن أبناءها في سجون التنظيم بتهمة انتماءهم للجيش الحر، تقول لـ"أخبار الآن": لن أغادر الرقة طالما أن فلذات كبدي لايزالون داخل سجون التنظيم، كيف لي أن أترك المدينة التي لايزال أولادي بداخلها وأرحل".