"الحاجة ام الاختراع"، هذا ما عرفه السوريون بعد أن استمرّ نظام الأسد بتضييق الخناق عليهم، بغية التكيف مع الواقع الحالي وابتكار طرق جديدة لمواجهة آلة القتل والحصار المستمرة على بعض المناطق منذ أكثر من عامين.
ونتيجة لذلك، لجأ السوريون إلى ابتكار طرق تكفيهم قوت يومهم، وتبعد أبنائهم عن الموت جوعاً، كما حصل في العديد من المناطق السورية جراء حصار النظام لها، ومنع دخول الطعام والشراب إليها.
"عقرب" بريف حماة الجنوبي تعاني من حصار النظام وقراه الموالية منذ ما يقارب العامين، جعلت الأهالي يلجؤون إلى تحويل حدائق منازلهم إلى حقول صغيرة لا تبلغ سوى أمتار معدودة يزرعون فيها ما يتسنى لهم من الخضار والبقوليات التي تسد جوع أطفالهم.
وفي لقاء لـ"أخبار الآن" مع الناشط حكم أبو ريان، ناشط ميداني من عقرب بريف حماة، قال: " في ظل الحصار، ومنع دخول الغذاء والمساعدات الإنسانية إلى العائلات المحاصرة في القرية، لجآ الأهالي إلى زراعة حدائق المنازل التي لا تتجاوز المترين او الثلاثة والتي سلمت من قصف النظام المتواصل عليها، لتحوّل الحدائق إلى حقول تحوي بداخلها ما يتوفر للأهالي زراعته ليصبح حقلاً بما تعنيه الكلمة من معنى ولكن بمساحة صغيرة جداً".
وأفاد أبو ياسين -أب لعائلة بعقرب بريف حماة- بأنه حوّل حديقة منزله إلى حقل زراعي بسيط، يحوي على أبسط الخضروات التي بالإمكان زراعتها حسب ما توفر له من البذور وسقايتها من مياه الآبار التي يقومون باستخراجها علّها تسد بعض جوع أطفاله الأربعة وزوجته.
وأضاف أبو ياسين بأنه جعل لكل نوع من الخضار شجرة واحدة لكي تكفي حديقته أنواع الخضار المزروعة، التي غالباً ما يكون فيها من ستة إلى سبعة أنواع من الخضار والبقوليات وذلك لصغر مساحة حديقته المنزلية, وبأن سقاية المزروعات قد يكون في بعض الأيام على حساب أطفاله في نصيبهم من مياه الشرب، حيث أنهم منذ عامين يعانون من انقطاع مياه الشرب عنهم مما أضطرهم للجوء للآبار وسط صعوبة تأمينها واستحالتها في بعض الأحيان.
وبحسب روعة – ام لطفلين بريف حماة- لجأ الأهالي إلى هذه الطريقة حتى في ريف حماة الغربي بسبب غلاء أسعار الخضار وندرتها في بعض الأوقات, فزراعة السبانخ والسلق وبعض هذه الخضروات الشتوية وصل سعر بيع الكيلو الواحد 200 ل.س (1.5$) وأكثر، بينما زراعة هذه الخضروات يدوياً وفي حديقة المنزل لا تكلف العائلة أكثر من 50 ل.س (0.5 $) وهذا ما يشجع العائلات الفقيرة وليس فقط المحاصرة لاتباع هذه الطرق من الزراعة، حسب قول روعة.
وتتابع حديثها بالقول: "معظم سكان مناطق الأرياف المحيطة بنا ونتيجة للحصار، لجأوا إلى زراعة حدائق المنازل لتحصيل مردودها ولربما جعله عملاً لرب العائلة فيطعم عائلته من نصف هذا المردود ويبيع نصفه الآخر في ظل انعدام فرص العمل، وتوقف الزراعة والحصاد بسبب حرق معظم محاصيل الأراضي من قبل النظام.
بدوره، يقول مصطفى أبو عرب –ناشط في جبل شحشبو بريف حماة- بأن أراضي ريف حماة تعتبر من أغنى الأراضي بالمحاصيل الزراعية في سوريا لكثرة الأراضي الخصبة والخضراء في أريافها، ولكن قصف النظام المتواصل على هذه الأراضي واتباع سياسة الأرض المحروقة جعل نسبة محاصيل الزراعة تنقص بنسبة 70%، وهجرة المزارعين كان سبباً آخراً في هذا النقص مما انعكس سلباً على المواطن السوري وسط ندرة الخضروات في محافظة حماه وغلاء أسعارها الكبير التي تضاعف ثمنها من أربع إلى خمسة أضعاف عن سعرها قبل الثورة السورية، ليصبح الخضار والبقوليات حلماً لدى الكثير من العائلات في حماة وريفها بالكاد يمكن تأمينه إن توفر.