يصرُّ أهالي مدينة الرقة السورية رغم الظروف الصعبة التي تعصف بمدينتهم من قصف وقتل وضنك العيش، وانعدام فرص العمل، يصرون على إكمال أبنائهم لدراستهم، إن كانوا في المراحل الابتدائية أو الجامعية، إلا أنّ قرارات داعش الأخيرة أغلقت الأبواب في وجوه الجميع، حتى الأطفال باتوا يشكون من داعش وقراراتهم الصادرة من ديوان "الخليفة" بإغلاق المدارس، وإيقاف التعليم هذا العام.
"جليلة" أمُّ لطالبتين في المرحلة الجامعية، ولطفلين ما زالا في المرحلة الابتدائية، تتحدث لـ"أخبار الآن" عن وضع أبنائها بعد قرارات داعش الأخيرة، وتقول: "يبدو أن سكين الموت لم يرتوِ من دمائنا، فاستعان بسكين الجهل الذي أراه قاتلنا في قادم الأيام، فتدريس الاطفال المناهج الخاصة بتنظيم داعش هو جريمة تكاد لا تقلُّ إجراماً عمّا يفعله بشار الاسد من قتل لأهلنا، حيث أنّ المدارس هي الشمعة الاخيرة المتبقية لأطفالنا وسط ظلام دامس نعيشه ويعيشون فيه، فلا يخفى على أحد إنّ مناهجهم لن تكون سوى عسل دُس فيه سم، ومدارسهم لن تكون إلاّ سيف سيقتل أولادنا وأحلامهم وأحلامنا بوطنٍ يضمنا جميعاً، وأخشى ما أخشاه أن يلزموني بإرسال أطفالي إلى معاهدهم حيث سيعلمونهم فنون التطرف والإرهاب".
وتضيف جليلة: "وأمّا قرارهم الآخر الذي يقضي بمنع السفر للمدن التابعة لسيطرة النظام، فأنا وابنتَي اللتان في جامعتهم الآن أمام خيارين لا ثالث لهما، إما بقائهم حيث هم يتابعون دراستهم ولكن لن نلتقِ مع بعضنا البعض حتى يجعل الله لنا مخرجاً أو أن يكونوا بين أهلهم ولكن الثمن مستقبلهم الذي سيذهب أدراج الرياح".
ويبقى تلقّي أهالي مدينة الرقة لقرار داعش بإغلاق المدارس، وتغيير المناهج، دون ردّة فعل إلى اليوم لما لهذا التنظيم من قوة وبطش على المدنيين، فهم مكرهين على الانصياع لأوامر "الخليفة وولاته" على أمل الخلاص القريب من هذه المأساة .
وفي ذات السياق، يضيف سعيد، معلّم في إحدى مدارس مدينة الرقّة: "جاء في القرار الأخير الذي أصدرته "داعش" أن وزارة التربية و التعليم التي كنّا نتبع لها كافرة ومرتدة لأنّها أعدّت المنهاج على أساس فصل الدين عن الدولة، كما أننا نحن أفراد المنظومة التعليمية نقوم على الدعوة للكفر ونرسخ مبادئ العلمانية والقومية والبعثية، لذلك يجب علينا أن نتبرأ من هيئة التعليم القديمة والاستتابة، وذلك من خلال خضوعنا لدورة شرعية وعدم معاودتنا لتدريس المناهج القديمة وبعد الانتهاء من الدورة يخضع المعلّم لامتحان لمعرفة مدى صحّة التوبة، ومن بعدها يقررون إن كان سيمنح حق معاودة التدريس أم لا"، مؤكداً أن هدف داعش الأساسي هو منعنا من تعليم الأطفال، بهدف خلق جيلِ جاهل يكون التنظيم قادراً على توجيه بوصلتهم في فترة المراهقة نحو أفكار متطرفة لا تمس للإسلام بصلة.