أخبار الآن | بغداد – العراق – (ديما نجم)

يحتضن العراق أكبر مخزون أثري في العالم، كمّا ونوعاً، وهو تراث عالمي يأتي من تعاقب أعرق الحضارات والمجتمعات البشرية والثقافات الدينية، ويتوزع هذا المخزون الحضاري على مختلف أنحاء العراق، إذ يكاد لا يخلو مكان في البلاد من مزار أو مرقد أو معلم أثري أو تراثي.

ولكن هذا الغنى الحضاري تعرّض على مدى التاريخ، وحتى يومنا هذا، إلى أكبر حملات نهب وتخريب.

ويمثل ارهاب تنظيم داعش اليوم إحدى حلقات هذا التخريب المستمرّ والمحو المنظم للتراث العراقي، فقد أقدمت عصابات داعش على هدم الكنائس والأديرة العريقة في المناطق التي سيطرت عليها، كما نسفت العديد من المساجد والمراقد التابعة لديانات وطوائف مختلفة، فيما استولت على عدد كبير من الآثار الثمينة والنادرة، وقامت بتهريبها عبر مافيات الآثار الى دول الجوار والعواصم العالمية.

وفي مداخلة مع اخبار الان قالت المديرة العامة لدائرة التراث في وزارة السياحة والآثار فوزية المالكي ان وزارة السياحة والاثار تعمل بكل جد ونشاط لمتابعة اعمال التدمير ونهب التراث العراقي التي يقوم بها تنظيم داعش، وذلك من خلال المنظمات الدولية ومن خلال مذكرات التفاهم مع الدول التي تقوم بالاتجار بهذه الاثار.

وبحسب المالكي فإن الهدف الذي يريده داعش من هذا كله هو تدمير الحضارة في العراق وبلاد الشام، ولو كان تنظيم داعش تنظيما اسلاميا فلماذا اذاً يقوم بهدم المساجد والاضرحة، فهناك شيء من التناقض ما بين اقواله وافعاله.

وأوضحت المالكي لأخبار الآن ان منطقة الموصل كلها تحت سيطرة داعش، لذا لا يمكن لأي جهة حكومية وفي اي حال من الاحوال ان تتخذ اي اجراء احترازي، مشيرة الى انهم على اتصال دائم بالمنظمات العالمية مثل اليونيسكو وغيرها من المنظمات الدولية التي تهتم  بالتراث العالمي والحفاظ على التراث والثقافة وذلك لمنع الاتجار وبيع وشراء هذه الاثار المسروقة من العراق او بلاد الشام، اضافة الى اتصال الحكومة العراقية مع القوات الدولية في الحفاظ على المتاحف والمواقع الاثرية وعدم ضربها، وهذا دوليا اثناء الحروب المسلحة اذ تكون هذه المواقع بعيدة عن استهدافها عسكريا.

وتابعت ان العراق يقع على بحيرة من الآثار، فهو يحوي 12 ألف تل أثري، وعدداً من المباني التاريخية والاثرية تزيد على 2000 مبنى، علماً بأنّ هذا العدد قابل للزيادة مع وجود مكتشفات جديدة بشكل دائم.

وتحدثت المالكي عن حجم الضرر الذي تعرضت له الآثار العراقية جراء هجمات داعش، وأشارت إلى أن نسبة الضرر هي 100 في المئة، خاصة في ما يتعلق بالآثار والكنائس والمزارات والجوامع، وذلك بسبب استهداف التنظيم لهذه المواقع الأثرية بشكل خاص، بالإضافة إلى قيامه بسرقة آثار الحضر وأشور والنمرود، وتفجير جامع النبي يونس، الذي يقع على تل أثري.

وأشارت الى ان التنظيم المتشدد استخرج هذه الآثار وباعها خارج العراق لمافيات دولية، ولفتت الى ان أكثر المواقع الأثرية التي لحقها الضرر، من الممكن إعادتها بالتعاون مع منظمة اليونيسكو، وباستخدام مواد مماثلة، كونها موثقة بدراسات وكتب وخرائط، ولكنها لن تعود كما كانت بجميع الأحوال.