لم يثنِ الحصار المفروض من قبل قوات نظام الأسد والميليشيات الطائفية على الغوطة الشرقية بريف دمشق، الطفل محمد عن الإبداع في كتابة الشعر.
محمد ذو السنوات الست، عامان منها عاشهما تحت الحصار والقصف وسياسة التجويع الممنهج، يستنبط كلماته البسيطة من الواقع الأليم الذي يعيشه حوالي مليون مدني منذ عامين في الغوطة الشرقية بريف دمشق.
"أخبار الآن" زارت الطفل محمد في مدرسته في مدينة زملكا المنكوبة، والتي يصر أطفالها على متابعة تحصيلهم العلمي رغم القصف والحصار.
يروي قصائده من مقعده في الصف الأول الابتدائي، فيجلس رفاقه وآنسته مستمعين لقصة وجعهم في مدينتهم التي ارتكبت قوات النظام فيها أفظع المجازر.
المظاهرات السلمية والأصوات المنادية بالحرية والكرامة والرصاص، أغصان الزيتون والمدافع، ومجزرة الكيماوي التي راح ضحيتها أكثر من 1400 مدني، جميعها حضرت في قصيدة الطفل محمد، حيث كتب: "أنا من زملكا الشهيدة.. من هنا رفعنا غصن الزيتون.. ورفعوا في وجوهنا حديدا، حين قمنا من تحت الثرى.. إلى قمة الخلود في بلدتنا الحبيبة، هنا كانت معلمتي.. كراستي.. وأقلامي ورفيق بالأمس كان معي.. واليوم هو شهيد الكيماوي.
أأخافكم.. أم تجرأتم علي حين مات الضمير العربي.. إن لم يشفَ غليلكم فخذوني قنبلة واكتبوا على انفجاري.. على قطعة من أشلائي بأني لن أنسى قاتل أحبابي".
تقول آنسة الطفل محمد لـ"أخبار الآن": "يبدو أن الطفل تأثر بشكل كبير جراء فقدان أقرانه إثر مجزرة الكيماوي الأليمة والقصف أو من مات جوعاً ومرضاً، نحاول أنا والمدرسات إخراج محمد من هذه الحالة ولكننا لم نستطع، فالحزن والألم غالب على قصائده التي يلقيها، نحاول تشجيعه على الاستمرار بكتابة الشعر، فمن قلب هذا الألم والحصار والقتل والقصف يولد الإبداع الممزوج بالحزن، كم تمنيت أن لا يدفع أطفال بعمر محمد ثمن طلب أهلهم ومدنهم للحرية، فهم أطفال لا ذنب لهم ليواجهوا القتل والحصار والتجويع وقصف مدارسهم، ولكن هذا النظام لا ضمير عنده".
ويقول مدرس: "من قلب الألم تظهر المواهب، كل منها على طريقته الخاصة من أجل سرد بعض مما يعانونه من حصار وقصف، ولمواجهة آلة النظام الهمجية التي تريد قتل هذه المواهب, موهبة محمد تؤكد أنه وأقرانه سيكونون رواد سوريا في المستقبل الجميل الذي يحلمون به والذي ينعم بالحريات وعدم كبت المواهب".
غوطانية في المهجر
موهبة سورية أخرى ولكن في المهجر، حيث تربعت الطفلة السورية سلام غسان ملاك ذات الـ"9 أعوام" من بلدة العتيبة في الغوطة الشرقية على المركز الأول بمسابقة الشعر التي أقيمت في مدينة "طنطا" المصرية، بعد أن تفوقت على منافسيها الذين مثلّوا أكثر من "1200" مدرسة في المحافظة.
وبذلك انتزعت الطفلة السورية ورقة الترشح لمسابقة الشعر والموهوبين على مستوى جمهورية مصر العربية التي ستقام في 28/12/2014.