يبدو أن تنامي الحديث عن حل سياسي يبعد بشار الأسد عن السلطة في سوريا ويستبدله بشخصية من الطائفة العلوية وفق تسوية مشابهة "للطائف في لبنان" قد يدخل الأحداث في البلاد بمرحلة جديدة، من الممكن أن تكون أبرز ملامحها لجوء الأسد إلى استبعاد كافة قادته المرشحين لخلافته، خاصة وأنه لعب منذ بداية الثورة على وتر انعدام البديل.
تصفيات آتية والأسد يصطدم بدائرته الضيقة
أيا كان المرشحون لخلافة الأسد "إن فرضت التسوية"، فإنه من المؤكد أن الأخير سيبدأ بشن حرب استباقية عليهم جميعا، إما عبر تصفيتهم بعمليات اغتيال غامضة كاللواء محمد سليمان ضابط الارتباط في القصر الجمهوري والذي ادعى النظام انه قتل برصاص قناص اسرائيلي من البحر، وإما عبر الإقصاء كما كان الحال بالنسبة للعديد من للقادة الأمنيين والعسكريين أمثال العميد حافظ مخلوف ابن خال الأسد الذي اقصي من منصبه مؤخرا، ما يشير إلى أن بشار الأسد سيجد نفسه في صدام حتمي مع دائرة حكمه الضيقة.
النمر يصارع مخالب الأسد وعلي حبيب ضمن البدلاء
أكثر ما يتفق عليه القاصي والداني أن العقيد سهيل حسن الملقب بال "نمر" بات واحدا من أقوى الشخصيات المنافسة للأسد بعد تصاعد شعبيته في أوساط المؤيدين، مستفيدا من الهالة الإعلامية التي رسمها له إعلام النظام خلال سنوات الثورة، ما يعني أنه قد يكون على رأس قائمة الاغتيال أو الإقصاء بالنسبة لبشار الأسد حتى وإن كان الأمر مؤجلا بفعل متطلبات المعركة على الأرض وتقهقر قوات النظام في أكثر من جبهة، والتي أجبرت النظام على استخدام سياسة الاكثار من نقل النمر بين الجبهات من حماة إلى حلب إلى دمشق انتهاء بدرعا لمنعه من جمع مؤيدين له في الجيش، وذلك بانتظار ساعة الصفر للتخلص منه، لاسيما بعدما أكدته بعض التقارير الإعلامية عن ضلوع أحد القادة الأمنيين في حماة بمحاولة اغتيال تعرض لها "نمر" مؤخرا.
وبالحديث عن العماد علي حبيب والذي قام النظام بإقصائه من منصبه بداية الأحداث، لا يمكن تجاهل أنه أيضا من أقوى الشخصيات العلوية التي تشكل خطرا كبيرا على بشار الاسد لاسيما من ناحية إمكانية قبول المعارضة له كبديل، نظرا لعدم مشاركته في أعمال القتل والعنف ضد السوريين وما تردد عن معارضته لها، إلى جانب ما يشاع عن وجود علاقات قديمة جمعته مع مسؤولين أمريكيين أثناء ترأسه للوحدة السورية الرمزية التي شاركت في حرب الخليج الأولى، ما يجعله أيضا عرضة للاغتيال حتى وإن كان خارج البلاد.
كما تضم قائمة بدلاء الأسد العماد علي أيوب رئيس أركان النظام والذي يعتبر الأقل حظا بين المرشحين كونه يعتبر من الشخصيات المغمورة في النظام.
تاريخ يعيد نفسه ..
تاريخ آل الاسد السياسي أكثر ما يدعم إمكانية شن بشار الاسد حرب تصفية لقادته في هذه الظروف، فهو تاريخ حافل بمثل هذه الحوادث كان بدايتها مع تسلم حافظ الاسد للسلطة عبر اقصائه صلاح جديد ومجموعة من البعثيين، تلاه الحرب بين حافظ الأسد وشقيقه رفعت والتي وصلت إلى حد الصراع المسلح قبل أن ينفى الأخير إلى أوروبا، بالإضافة إلى سلسلة عمليات الاغتيال الغامضة الني نفذت بحق قادة عسكريين وأمنيين أمثال اللواء غازي كنعان وزير الداخلية الاسبق الذي قيل أنه انتحر في مكتبه قبل أن يكشف عن وجود مخطط للانقلاب على بشار الأسد بينه وبين العماد حكمت الشهابي رئيس الاركان الأسبق والذي اقصي في زمن حافظ الاسد بتهمة الإخلال بأمن البلاد.
الأسد أكثر خطرا على الطائفة
هنا يمكن القول إنه في حال طرح الحل المفترض فإن الأسد سيكون الأكثر خطرا على الطائفة العلوية لدرجة قد تفوق خطر التنظيمات المتطرفة في حال أصر على التمسك بالسلطة الذي سيقود بالضرورة لتصدع في بنية النظام قد لا تسلم منه الطائفة ككل إن لم تقتنع بوجوب التخلي عنه لصالح شخصية أخرى قد تلقى قبولا لدى المعارضة.