لم يتوقع "سعيد أبو بكر" ابن الثلاثين من العمر، البائع المتجول وأحد المقاتلين مع كتائب الثوار من مدينة دوما في ريف دمشق أن يصبح عاجزا وهو في أوج شبابه بعد إصابة بسيطة في فخذه، ولكن شاءت الأقدار أن تقعده هذه الإصابة.
سعيد من أبناء مدينة دوما في الريف الشرقي للعاصمة دمشق، أصيب برصاصة قناص في فخذه، عام 2012، ونقل على أثر هذه الإصابة إلى المستشفى الميداني، والتي هي عبارة عن نقطة طبية سرية للعلاج، و أثناء فترة مكوثه في النقطة الطبية اقتحمت القوات التابعة للنظام المكان الذي يعالج فيه سعيد داخل الغوطة الشرقية، وحدثت إشتباكات قوية بين القوات التابعة للنظام والثوار وهرب الأهالي و المدنيين وحتى المسعفين والأطباء من المدينة.
لم يكن سعيد هو المصاب الوحيد في النقطة الطبية ولكن كان يوجد جرحى أخرين وحاول البعض إنقاذ بعض الحالات الحرجة أما سعيد فقد بقي وحيدا بعد أن ظن الجميع أنه قادر على إنقاذ نفسه والهرب يقول سعيد: "هربت من المشفى و زحفت على بطني مئات الأمتار خوفا من بطش الشبيحة، أستريح ولا اعرف مصيري إن أطلت الراحة، وأعود و أزحف على بطني الذي مزقته حجارة الطريق، وأدمت يداي مخلفات القذائف و الزجاج و حتى الحصى الصغيرة التي كنت أعتقد أن لا تأثير لها لكنها قطعت أوصال جلدي واختبأت داخل جروحه، حتى وصلت مع آخر أنفاسي إلى مكان ".
بعدها نقل سعيد إلى قرية مجاورة ليكمل علاجه هناك، لكن حالته قد إزدادت سوء ولم يعد بالإمكان إنقاذه من الإصابة، وأصيب بإعاقة دائمة في قدمه اليمنى، ويعاني من صعوبة بالغة في القدرة على المسير.
و بعد أن تحررت بلدات الغوطة الشرقية من القوات التابعة للنظام، اشتد القصف و الحصار على المنطقة، وأسفر القصف عن هدم منزل سعيد وانتقل مع بناته وزوجته و أمه و أبيه، إلى بيت آخر، وعاد سعيد لعمله كمقاتل في احد فصائل الثوار وبقدراته القليلة لأنه المعيل الوحيد لأسرته ولأبويه، لم يكن أمامه أي خيار أخر ليضمن لأهله و عائلته طعاما يستر جوعهم.
وأثناء تواجده على الجبهات تعرض المكان الذي يرابط فيه إلى للقصف الجوي بالصواريخ الفراغية، و أصيب بحروق من الدرجة الثالثة في كامل جسده، وكانت نسبة نجاته بحسب بعض الأطباء 10٪، فقد تفحم كامل جسده.
ينهي سعيد قصته بالقول: "منذ فترة بسيطة تعرض المنزل الذي أحتمي به مع عائلتي إلى قصف من طيران النظام، فأصبت وزوجتي بجروح بليغة و أصيبت ابنتي الصغيرة لجين في جمجمتها، وكنت أنتظر من الأطباء أن يخبروني بوفاتها، لكن ابنتي الصغير تعالجت بالقليل من المواد المتوفرة وشفيت بالكامل بلطف من الله ".
صارع الموت والمخاطر ولم يقف تحد إعاقته وتحد الحصار وتحد المتاعب أملا في الإستمرار في الحياة وتأمين متطلبات الحياة لعائلته ولوالديه ولكن شاءت الأقدار أن يصاب مجددا ويرفض قبول المعونة والمساعدة من أحد بل يأمل أن يتمكن من العلاج ليعود مجددا قادرا على العمل والعيش من كسب جهده وليس من التبرعات والمساعدات.