بعد تسلم الرئيس الأفغاني الجديد أشرف غني مهامه الرئاسية إثر فوزه بالانتخابات الرئاسية خلفاً للرئيس السابق حميد كرزاي، أصبحت زوجته رلى سعادة اللبنانية الأصل السيدة الأولى في أفغانستان.
شاءت الصدف أن يلتقي الرئيس الأفغاني أشرف غني بزوجته رلى عام 1973 عندما كان يكمل دراسته في العلوم الإنسانية في الجامعة الأميركية في بيروت، حيث كانت رلى تدرس العلوم السياسية. فالتقيا على مقاعد الدراسة.
رحلة نجاح رلى من طفولتها وصولاً الى دخولها القصر الرئاسي في أفغانستان مروراً بسنوات دراستها و تعارفها على أشرف غني ، رواها لـ"النهار" شقيقها المهندس الزراعي والدكتور في العلوم الاقتصادية ورئيس "الكونتوار الزراعي للشرق" ، الأستاذ الجامعي رياض فؤاد سعاده وهو الابن البكر لفؤاد سعاده.
في عائلة "طبيعية" كما أسماها سعادة ولدت رلى، حيث قال " أساسنا ريفي من ضهور الشوير، كانت رلى هادئة منذ صغرها تعزف البيانو وتهوى القراءة وتمارس الرياضة كالسباحة، فالرياضة كان لها دور في حياتها لكنها لم تكن محترفة، وكانت تقيم توازناً بين جسمها وعقلها".
من الصحافة الى القصر الرئاسي
في "دير الناصرة "، درست الافغانية الأولى لتنتقل بعدها إلى فرنسا حيث أكملت دروسها الثانوية، لتعود بعدها إلى لبنان وتعمل في مجال الصحافة في وكالة الاخبار الفرنسية في مكتب بيروت.
وبعد فترة وجدت أنه من الضروري أن تكمل دراستها، فدخلت الجامعة اليسوعية حيث درست الاقتصاد لسنة، لم يعجبها الجو لتنتقل بعدها إلى الجامعة الأميركية وتدرس العلوم السياسية، وعلى مقاعد تلك الجامعة تعرفت الى أشرف في العام 1973.
الزواج من الشاب الأفغاني
عندما عرضت رلى موضوع رغبتها بالارتباط بأشرف تقبّلت عائلتها الأمر كونها عائلة منفتحة كما وصف سعادة، وشرح: "والدي ماروني متزوج من ارثوذكسية يوم كان ذلك غير مقبول، بالتأكيد فكر بالأمر وقصد أفغانستان قبل ارتباطها بأشرف في العام 1975، حيث تعرف على عائلته وهي من قبيلة البشتون التي لها وزنها في البلد ومن المثقفين وملاك الأراضي حيث كان والده يملك أراض شاسعة ومصالح زراعية وصناعية".
وأضاف: "عند عودة والدي أخبرها أنها عائلة جيدة لكن ليسوا مثلنا، إذ ان نمط حياتهم مختلف فالملكية في افغانستان كانت في أوجها وكذلك الانفتاح ونحن أهل ريف رغم أننا كنا نسكن في المدينة، لكن رلى امرأة عميقة وفي حياتها اختارت ما هي تريد ويروق لها".
في حفل عائلي، تزوجت رلى التي ولدت في العام 1949، لتغادر مع أشرف إلى أفغانستان قبل أن تنتقل بعد سنتين إلى أميركا، ومن جامعة كولومبيا الاميركية نال غني phd في الانتروبولوجيا، فيما نالت رلى phd من الجامعة نفسها في الاعلام.
كما درس أشرف الانتروبولوجيا في جامعة "جونز هوبكنز"، في الثمانينات من القرن الماضي، والتي انتقل اليها من جامعة بركلي، وكان ايضاً مستشاراً لوزارة الخارجية الاميركية.
الدخول إلى القصر الرئاسي
في العام 1991، عمل أشرف في البنك الدولي ليعود إلى كابول في العام 2001، وقد عمل مستشاراً كبيراً للامم المتحدة. نزاهته حالت دون توليه حقيبة المال في الحكومة التالية حيث خيّر بانتقاء اي حقيبة أخرى لكنه رفض مفضلاً تولي منصب رئاسة جامعة كابول التي كانت في حالة يرثى لها .
بعد أن وضع الجامعة على السكة الصحيحة عاد إلى أميركا وأنشأ مؤسسة تعنى بإعادة إعمار البلدان المنكوبة، من خلالها زار عدة دول، ليترشح في العام 2009 الى رئاسة الجمهورية حيث حصل على 3 في المئة فقط من الاصوات. لكن ارادته والدعم الذي تلقاه ممن حوله دفعاه الى الترشح مرة ثانية حيث حصل على 37 في المئة في الدورة الاولى رغم أنه لم يكن لديه حزب.
اليوم، رلى سعادة السيدة الأولى
تعَدُ مواقف السيدة الأولى الأفغانية التي تبلغ من العمر 66 عاماً جريئة نسبياً مثل تأييدها حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة، مقابل السماح بارتداء الحجاب الذي يُبقي الوجه مكشوفاً، إذ تقول في مقابلتها مع فرانس برس " إنها تتفق تماماً مع السياسة الفرنسية التي تحظر النقاب والبرقع لأنهما يعيقان حركتها"، لكنها لا ترى مشكلة في أن تضع المرأة حجاباً أو ترتدي ثوباً طويلاً يتناسب مع قناعاتها الدينية.
هكذا تسعى رلى سعادة من موقعها كسيدة أولى أفغانية إلى الاضطلاع بدور في الحياة العامة متخطية بذلك الأعراف والتقاليد الاجتماعية، حيث تظهر مع زوجها وتلقي خطابات في مناسبات عديدة بخلاف سابقتها زينات كرزاي زوجة الرئيس السابق حميد كرزاي.
في خطاب تنصيبه في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، وجّه الرئيس الأفغاني الشكر لزوجته، معبّراً بذلك عن احترامه وتقديره لها. وحسب ما صرّحت به لفرانس برس في نهاية المقابلة، تتمنّى رلى أن ترى الرجال في أفغانستان أكثر تقديرا واحتراما للمرأة ولدورها كزوجة وبنت وأخت.