أخبار الآن | بغداد – العراق – (الشرق الأوسط)
أطلق أحد مسلحي «داعش» من ميدان قتال قرب بيجي، صاروخا لينسف طائرة مروحية هجومية تابعة للجيش العراقي، مما أسفر عن مقتل أفراد طاقمها.
هذه الطائرة واحدة من بين عدة طائرات مروحية عسكرية تنتمي للجيش العراقي يدعي المسلحون أنهم أسقطوها هذا العام، ويعد الحادث الأخير الدليل الأقوى على أن مقاتلي «داعش» يستخدمون صواريخ أرض – جو متطورة تشكل تهديدا خطيرا على الطائرات المحلقة التابعة للعراق والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
ومع دخول الحملة الدولية ضد «داعش» مرحلة أكثر قوة في العراق، تزداد كثافة الضربات الجوية للتحالف. ويرى مسؤولون أميركيون أن هذا سيدفع للسطح مزيدا من الأدلة حول قدرات الجماعة المرتبطة بالأسلحة المضادة للطائرات، مما قد يخلف تداعيات خطيرة بالنسبة لأسلوب إدارة العراقيين وحلفائهم للحرب.
وأعرب مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى رفض الكشف عن هويته، عن اعتقاده أنه «بناء على تجارب الصراعات السابقة، فإن الصواريخ قد تغير موازين الصراع هناك».
أيضا، زاد انتشار الأسلحة المضادة للطائرات من المخاوف بخصوص أمن المطارات العراقية، خاصة مطار بغداد الدولي، أهم مركز نقل بالبلاد وشريان الإمدادات العسكرية والتعزيزات المقبلة للبلاد.
وفي إشارة لعزمه على تحدي التفوق الأميركي الجوي، نشر «داعش» أخيرا مجموعة إرشادات عبر شبكة الإنترنت، بخصوص كيفية استخدام صواريخ محمولة كتفا لإسقاط طائرات «أباتشي» الهجومية، وهي واحدة من أخطر الأسلحة في الترسانة التقليدية للجيش الأميركي.
ورغم تمركز قرابة 6 طائرات «أباتشي» أميركية بمطار بغداد الدولي، فإنه نادرا ما تمت الاستعانة بها خلال الحملة الجوية المستمرة منذ شهرين ونصف الشهر ضد «داعش».
ومن بين الأسباب وراء ذلك الخوف على سلامة الطائرات وعدم توافر فرق بحث وإنقاذ أميركية بالعراق بمقدورها الاستجابة فورا حال سقوط طائرة. كما تعكس هذه المخاوف إصرار البيت الأبيض على تقليص أعداد القوات الأميركية بالعراق ومستوى تعرضها للنيران المعادية قدر الإمكان.
هذا الشهر، شاركت الـ«أباتشي» بالمعركة للمرة الأولى، بالتنسيق مع طائرات نفاثة تتبع سلاح الجو الأميركي، لتنفيذ 4 ضربات جوية ضد قوة تتبع «داعش» بشمال شرقي الفالوجة. المعروف أن مسلحي الجماعة أقاموا عدة معاقل قوية لهم هناك، واستمروا في التقدم في مواجهة قوات الأمن العراقية خلال الأسابيع الأخيرة.
إلا أن الجيش العراقي بدأ الآن في بذل جهود أوسع وأكثر تعقيدا بمختلف أرجاء البلاد، بهدف إعادة بسط سيطرته على أراضٍ استولى عليها «داعش»، بما في ذلك حملة هجومية بدأت منذ أسبوع ونصف الأسبوع لاختراق معقل الجماعة ببيجي، شمال بغداد، الذي يضم مصفى تكرير حيويا. وتعني المرحلة الجديدة تكثيف المهام القتالي للطائرات التابعة للتحالف واحتمالات تزايد الاعتماد على طائرات مروحية هجومية أميركية تنفذ طلعات على ارتفاعات منخفضة، الأمر الذي يحقق مزايا مهمة في الحروب بالمناطق الحضرية.
ونظرا لأن معظم مهام القتال الصعبة المتوقعة خلال الشهور المقبلة قد تجري داخل مدن الأنبار، ربما يميل الجنرالات الأميركيون إلى طلب الاستعانة بمزيد من طائرات «أباتشي» لدعم القوات البرية العراقية. أيضا، قد يزداد اعتمادهم على الطائرات المروحية المسلحة طراز «إيه سي – 130» المتميزة بالقدرة على الدوران على ارتفاعات يصعب على بعض الصواريخ المحمولة كتفا استهدافها.
حاليا، يعكف مسؤولون عراقيون وأميركيون على تقييم المخاطر الإضافية لأطقم طائراتهم، وكذلك الطائرات المدنية. ويشعر المسؤولون بقلق خاص حيال التهديد الصادر عن الصواريخ المحمولة كتفا.
ورغم اعتراف القيادة المركزية بالبنتاغون بهذه المخاوف، فإنها أعنت عدم توافر دليل قاطع بعد على امتلاك «داعش» مثل هذه الأسلحة.
ورغم تنوع الحدود القصوى لمدى وارتفاعات أنظمة الصواريخ المحمولة كتفا، فإنها تُستخدم عامة ضد الطائرات المحلقة على ارتفاعات منخفضة.
في هذا الصدد، ذكر تشارلز ليستر زميل زائر بمركز بروكنغز الدوحة بقطر أن المسلحين بالعراق يمتلكون منذ فترة بعيدة مخزونا محدودا ومتقادما من صواريخ «إس إيه – 7»، وهي أنظمة سوفياتية التصميم وواسعة الانتشار استخدمها المسلحون من وقت لآخر خلال فترة الاحتلال الأميركي بين عامي 2003 و2011.
إلا أنه منذ نهاية عام 2013، على الأقل، بدا أن «داعش» تمتلك أنظمة مضادة للصواريخ أكثر تعقيدا، منها «إف إن – 6» الصينية، التي قدمتها في البداية قطر للمسلحين السوريين.
من جهتهم، ادعى مسلحو «داعش» إسقاطهم عدة مروحيات عسكرية عراقية هذا العام، آخرها طائرة طراز «بيل 407» كانت في مهمة استطلاعية قرب بيجي في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول).
وأوضح ليستر أنه «بالنظر إلى التقارير الواردة من العراق، خاصة محافظة الأنبار، على امتداد الشهور الـ3 أو الـ4 الماضية، يبدو أن (داعش) استخدم الصواريخ المحمولة كتفا بمعدلات أكبر وأكثر نجاحا عما حققه المسلحون السوريون على الإطلاق».
أما الخوف الأكبر، فهو استيلاء المسلحين على «إس إيه – 24»، وهو نظام أكثر تطورا باعته روسيا أخيرا للعراق، وظهر للمرة الأولى في فيديوهات نشرها المسلحون في سبتمبر (أيلول)، حسبما أوضح ماثيو شرويدر المحلل المعني بشؤون انتشار الصواريخ لدى «سمول آرمز سيرفي»، وهو مشروع بحثي مستقل مقره جنيف.