لاتزال أوضاع السوريين في لبنان تزداد سوءاً يوماً بعد يوم فهاهو الشتاء قد أطل مبكراً هذه السنة حاملاً معه أعباءاً إضافية على كاهل اللاجئين السوريين في لبنان بالتزامن مع إجراءات أمنية مشددة اتخذتها السلطات اللبنانية لمنع دخول مزيد من اللاجئين والعمل على إخراج أكبر عدد ممكن منهم خارج لبنان أو إعادتهم إلى سوريا.
منخفضان جويان افتتحا فصل الشتاء وكشفا عن حجم الأخطار التي تهدد اللاجئين السوريين هذا الشتاء وأيضاً ليس فقط العوامل الطبيعية والطقس بل الوضع الأمني، فقد أعلن وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني رشيد درباس أن لبنان لم يعد بإمكانه استقبال لاجئين سوريين، وقد أخطر الأمم المتحدة بذلك، ولن يدخل أي سوري إلى لبنان إلا بحالة إنسانية ملّحة وأي دخول غير شرعي ستتم ملاحقته أمنياً.
اللاجئون السوريين الذين نجحوا بالدخول إلى لبنان لم يكن وضعهم أفضل حالاً ممن لم يكتب له الوصول إلى داخل الأراضي اللبنانية فقد تعرضت مخيمات اللجوء للفيضانات وانجرافات التربة خلال أسبوع واحد فقط، حيث شهد الأسبوع الماضي أمطار غزيرة أدت إلى سيول جارفة أغرقت عدداً من المخيمات بشكل كامل وأتلفت خيما ومحتوياتها فيما بات اللاجئون تحت العراء يقارعون الرياح والبرد والعواصف.
معاناة اللاجئين السورين لم تقتصر على أوضاع المخيمات فحسب ففي العاصمة بيروت افترشت إمرأة سورية الأرض مأوى لها.
وإتخذت "أم عزيز" من تحت أحد الجسور منزلاً مؤقتاً لها ولأولادها الإثنين اللذين لم يتجاوزا العشر سنوات، تقول هذه السيدة "إن المخيم الذي كانت تقطنة وأقربائها ممن نزحوا من مدينة القصير قد أحرق بالكامل في عرسال ولم تستطع إنقاذ أي شيء من الأثاث الذي كانت تستخدمه، هنا فكرت بالعودة الى سوريا رغم كل المخاطر التي من الممكن أن تتعرض لها، حيث تنتظر أم عزيز منذ أيام إنهاء معاملتها لدى دوائر الأمن اللبناني للعودة وأبنائها إلى سوريا علها تجد مأوى لها في إحدى البلدات المحررة أو أي بلدة تكون بأمان فيها نظرا لاستحالة عودتها إلى القصير المدمرة كلياً.
كما التقت أخبار الآن بعدد من اللاجئين ممن جرفت الأمطار خيمهم في الأيام الماضية، الحاج "أبو محمد" من سكان حمص نزح منها مع زوجته منذ أكثر من عامين تنقل خلالهما بين عدد من المخيمات يقول "إن هذه السنة ستكون الأصعب بلا أي شك فها نحن خسرنا مخيمنا منذ أول عاصفة مطرية ولا توجد حاليا أية مساعدات تقدم لنا ولا نستطيع دفع إيجار منزل على الإطلاق ويضيف الحاج والله لو أستطيع الدخول إلى الوعر حيث أبنائي، ما بقيت هنا لحظة واحدة بينما بقي أولاده محاصرين هناك".
كما التقت أخبار الآن مصطفى رجل سوري يحمل طفلاً حديث الولادة برفقة زوجته ويحتمي تحت شرف أحد المنازل في البقاع بعدما غمرت مياه الامطار خيمهم ويقول مصطفى "إن أغلب الأثاث قد أتلف الآن ولا أستطيع تأمين البديل والمساعدات شحيحة جداً مؤخراً ولا أعرف أين أذهب بنفسي وزوجتي خاصة وأن المخيم قد تعرض للتلوث من الصرف الصحي الخاص بالمخيم والذي طافت مياهه ولوثت أغلب الخيم ولدي طفل حديث الولادة ولن أخاطر بوضعة في هذه البيئة التي ستتحول الى مرتع للحشرات والامراض والحل الوحيد بالبحث عن مأوى في أحد المخيمات الأخرى أو عند أحد اقربائنا ريثما أستطيع العمل براتب أكبر و استئجار غرفة لي ولعائلتي".
معاناة كبيرة يتعرض لها اللاجئ السوري في لبنان هذا الشتاء سيعرض حياة الألاف من اللاجئين للخطر في حال عدم التحرك لتأمين مخيمات مجهزة لمواجهة الرياح والسيول والفيضانات والعمل على تأمين وقود التدفئة لهؤلاء الذين يقطنون خيم لا تقيهم حراً ولا برداً.