منذ أن دخل تنظيم داعش على مدن الريف الحلبي أحدث تغيّرات كثيرة في جغرافية المنطقة، ويؤكّد ناشطون أنّ وجود التنظيم قد أضرّ العديد من الأهالي اقتصاديّاً.
إغلاق معبر جرابلس وملاحقة أصحاب المهن التي اعتبرها التنظيم مخالفة للشرع والدين كانا السببان الرئيسيّان لمغادرة تجّار كُثر مناطق التنظيم، في حين لجأ الكثير من التجّار إلى نقل تجارتهم نحو تركيا.
وفرضت الظروف الحاليّة في ريف حلب واقعاً جديداً صعّب على البعض ممارسة أعمالهم بسبب مخالفتها للمبادئ التي يسعى التنظيم لنشرها في مناطقه.
بيع التبغ والأراكيل ومستلزماتها كان أوّل المشاريع الاقتصاديّة التي أغلقت بأمر من عناصر التنظيم ما أدّى إلى خسارة العديد من المحال التجاريّة بضاعتهم التي تمّ تكسيرها وحرقها أمام أعين الناس.
لكن على حسب قول الشاب حسن أحد أبناء الريف الحلبي لم يتمكّن التنظيم من إيقاف هذه التجارة التي انتشرت مؤخّراً بين المنازل، حيث يقول: "بدء البعض من الأهالي يتاجرون ببيع وشراء التبغ عبر المنازل وللأشخاص الثقة، أي المعارف الموثوقين المعروف عنهم أمانتهم وعدم تواطؤهم مع التنظيم".
في المقابل كان من التأثيرات الاقتصادية التي نتجت عن أفعال التنظيم هو إغلاق معبر جرابلس الذي كان يعدّ المصدر الاقتصادي الذي يغطّي المنطقة ويوفّر العمل لأكثر من 2000 مواطن من الريف.
عبد الله من ريف منبج الشمالي كان يعمل بمجال تحميل البضائع أمّا اليوم فهو في تركيّا يبحث عن عمل يقول لأخبار الآن "كنت أعمل مع التجّار بتحميل البضائع وكان مردودي اليومي جيّد نوعاً ما حتّى العساكر الأتراك على الحدود كانوا يغضّون النظر عنّا ولا يعترضون طريقنا لكنّ اليوم انتهت هذه التجارة بسبب وجود التنظيم".
في سياق آخر كان المعبر يورّد بضائع إلى الحسكة شرقاً ودرعا جنوباً حيث كانت سيّارات البضائع تصطفّ كلّ يوم حاملة البضائع على ارتفاع خمسة أمتار فوق السيّارة، ولم تقتصر التجارة آن ذاك على السيّارات إذ كان هنالك أفراد يتاجرون برأس مال قليل يقدّر بحوالي 20ألف ل.س مثل الشاب عادل الذي قال لأخبار الآن:
"لم يكن لديّ رأس مال كبير مثل باقي التجّار أصحاب سيّارات البضائع المكلفة لكنني كنت أقوم بشراء علب البسكويت وأكياس البطاطا وعلب المنظّفات وفوط للصغار من أجل بيعها في منبج لإحدى محلّات الجملة".
يضيف عادل "كنت بكلّ سفرة أربح نحو أربعة آلاف ل.س من رأس مال نحو 20 ألف، ولكنّ اليوم توقّفت عن العمل بسبب إغلاق المعبر والسبب وجود تنظيم داعش".
بالإضافة لما سبق كان للتنظيم دور في كساد البضائع في المحال التجاريّة التي تبيع قطع الألبسة بعدما منع في مدينتي الباب ومنبج ارتداء البناطيل الضيّقة.
حيث يقول شادي لأخبار الآن "إنّ التنظيم يعتقل كلّ شاب يرتدي لباساً ضيّقاً، أمّا العقوبة فتكون بأخذ الشاب إلى المقبرة من أجل المساعدة في كسر النواصب الحجريّة المنصوبة على كلّ قبر ميّت وهذا ما يحصل اليوم في المقبرة المعروفة باسم (مقبرة الشيخ عقيل) عند أهالي مدينة منبج".
ويضيف "منذ أن بدأ التنظيم بملاحقة هؤلاء الشباب أصبح يخاف الشباب الآخرين من شراء الألبسة الضيّقة، علماً أنّ هنالك أكثر من 20 محلّاً تجاريّاً يبيع هذه الألبسة الشبابيّة ومهددة الآن بالإغلاق".
الجدير بالذكر أنّ الكثير من التجّار توقّف عن العمل منذ نحو سبعة أشهر في حين بعض منهم حوّل طريق التجارة نحو معبر باب السلامة الموجود عند مدينة اعزاز لكن في المقابل ارتفعت تكلفة البضائع ممّا أدّى إلى ارتفاع أسعارها للمستهلك، في حين يفكّر رجال الأعمال الذين لا زالوا في مناطق التنظيم بالرحيل ونقل ممتلكاتهم خارج سوريا.