في ظل انشغال العالم ووسائل الإعلام الدولية و المحلية بأخبار ضربات التحالف الدولي لقوات “داعش” وفي ظل التغطية المحمومة لتقدم الأخيرة في مدينة عين العرب – كوباني على حساب وحدات حماية الشعب الكردية تتعالى الأصوات اليوم من ريف دمشق وتحديداً من جبهات حي جوبر محذرة من خطورة الوضع ومن احتمالية تكرر سيناريو المليحة في السقوط التدريجي.
سيطر الثوار على حي جوبر الواقع ضمن مناطق دمشق مع نهاية عام 2012 وشكل الحي رأس حربة ضمن مخططات الثوار للدخول إلى العاصمة مما دفع بالنظام إلى حشد قوات كبيرة على حدوده في محاولة لإسترجاعه أو لوقف تقدم الجيش الحر على آقل التقديرات.
عدة حملات ممنهجة على مدى العامين الماضيين شهدتها جبهات الحي الثلاث – العباسيين المناشر وطيبة – بائت جميعها بالفشل وكبدت فيها قوات النظام خسائر كبيرة بالأرواح و العتاد لكن هذه الحملة تختلف كما يقول عامر “المقاتل ضمن كتائب الجيش الحر”، بدآت الحملة منذ شهر تقريباً وعلى ثلاثة محاور دفعة واحدة وهي محور حاجز عارفة من الجهة الغربية – محور المناشر من الجهة الجنوبية الشرقية – ومحور طيبة من الجهة الشمالية الشرقية، كان صمودنا اسطورياً على كل الجبهات و الكلام لعامر، عدا عن تراجع بسيط في المحور الشمالي الشرقي – طيبة – مما دفع النظام إلى تعزيز قواته المهاجمة على هذا المحور والتركيز عليه، ونشهد حالياً تقدماً بطيئاً لقواته لكنه مؤثر.
قسّم الثوار جوبر إلى عدة قطاعات وأوكلت مهام الدفاع و الهجوم في كل قطاع على حدى إلى الكتائب المتمركزة فيه ويقع حمل القتال على محور طيبة على كتائب جيش الإسلام المتمركزة هناك كما يقول حسن “الناشط الإعلامي من الحي” والذي يحمل قيادة جيش الاسلام و القيادة الموحدة للغوطة مسؤولية سقوطه في حال عدم صد الهجوم مرجعاً ذلك إلى تقصير جيش الإسلام من ناحية المؤازرة وإرسال الدعم و التذخير لكتائبه المقاتلة و إلى البرود الكبير في التعامل مع الوضع الراهن من قبل القيادة الموحدة للغوطة خاصة بعد وصول قوات النظام إلى برج فتينة و مقبرة الحي الجديدة مما ينذر بإقتراب عزل جوبر عن بقية الغوطة وجعل مسألة سقوطها مجرد وقت وفقا للناشط حسن.
من جهته صرح أحد قادة جيش الإسلام –والذي فضل عدم ذكر اسمه– بأن النظام يكرر سيناريو المليحة في جوبر حالياً عن طريق مهاجمة خاصرة الحي الرخوة والعمل على عزله عن بقية المناطق، جل الضغط يتركز حالياً على نقاط جيش الاسلام في جوبر –كما يقول– والذي يعاني بدوره من ضغط في جبهات تل كردي وتل الصوان والريحان وميدعا تلك الجبهات التي تمتد لعشرات الكيلومترات وصولاً إلى جبهة دوما وكرم الرصاص، وأضاف: "طلبنا من باقي الفصائل مساندتنا في جبهة جوبر وعدم الوقوف موقف المتفرجيين مما يجري لأن سقوط جبهة طيبة ستعني حتماً سقوط جوبر" .
يعزى التراجع على جبهة طيبة كما يقول غزوان "المقاتل ضمن إحدى كتائب الجيش الحر” إلى إشراك النظام منظومة اسلحة جديدة ومتطورة لأول مرة منذ بدء الصراع، وتتمثل بزج منظومة كسح الألغام الروسية UR77 ضمن المعركة، وهي منظومة مخصصة لإطلاق شحنات متفجرة معززة صاروخياً تستطيع تحقيق اختراقات في حقول الالغام بطول تسعين متراً وبعرض ستة أمتار، بدأ تفعيل هذه المنظومة على جبهة طيبة منذ منتصف شهر أيلول المنصرم و أدى استخدامها إلى تدمير أجزاء واسعة من الحي حتى الآن، أما عن مطالبة جيش الإسلام لباقي الكتائب بالتحرك فيقول غزوان: "إن جيش الإسلام والقيادة الموحدة للغوطة تملك من العتاد والذخيرة والمقاتلين ما لا يملكه باقي الفصائل، و إن ترك حرية تحديد مكان وزمان المعركة للنظام والإكتفاء بدور المتفرج ومن ثم المدافع والطلب من باقي الفصائل التحرك لمساندة قواتها سيؤدي حتماً لسقوط الغوطة – والكلام لغزوان – عاجلاً أم آجلاً .
حي جوبر الدمشقي والذي شكل حاضنة مبكرة للثورة في دمشق مهدد الآن بالسقوط وبتعريض حياة من بقي من مدنييه للإبادة في حال دخول قوات النظام إليه، تلك القوات التي ستستغل لا محالة انشغال العالم بـ”داعش” وبضربات التحالف، لتصيغ من جوبر عبرة لسكان باقي المناطق التي قالت وهتفت يوماً بأن شعباً هنا يريد اسقاط النظام.