أخبار الآن | دمشق – سوريا – (جابر المر)

بعد رحلة عناء وبحث استمرت لسنيتين أخبرت الشرطة العسكرية أم محمد أن ابنها توفي في أحد الأفرع الأمنية، واكتفى الضابط هناك بكلمة متوفي، طالبا من الأم أن تخرج له شهادة وفاة من مشفى تشربن العسكري الذي بات اليوم يغص بالمئات من ذوي المعتقلين الذين يخرجون (شهادة وفاة) لأبنائهم الذين توفوا بسبب توقف في القلب على حسب التقارير الصادرة من هناك.

لا يصدق ذوي المعتقلين كل ما يعرض عليهم من أنباء رسمية تحيط بابنهم لأسباب تتعلق بتضارب المعلومات، فلا تاريخ الوفاة منطقي إذ أنه من الممكن أن يعطوا الأهالي تاريخ وفاة يسبق تاريخ الاعتقال، أو في أحيان أخرى يكون تاريخ الوفاة بعيد جدا حيث علم الأهالي بعد هذا التاريخ بمدة طويلة في أي الأفرع الأمنية يقبع ابنهم بعد أن خرج أحد المعتقلين من الفرع نفسه وأخبرهم.

أما آخر التطورات التي تطرأ على موضوع المعتقلين السوريين الذين يكذب النظام بخصوص حياتهم هي وجود مكتب يتبع لما يسمى بوزارة المصالحة بالقرب من فرع الدوريات على المتحلق الجنوبي في العاصمة دمشق، يطالب أهالي المعتقلين الذين أخبرهم النظام أن أبنائهم توفوا داخل المعتقلات بجلب شهادة وفاة من مستشفى تشرين العسكري، وبعد أن يحصل المسؤول في هذا المكتب على الورقة يخبر أهالي المعتقلين أين هو المكان الحالي لابنهم واعدا إياهم ببطاقة زيارة إن كان موجودا في سجن عدرا المركزي أو سجن صيدنايا العسكري.

بعد أن أعطت أم محمد الورقة للمسؤول عن المكتب أخبرها فور نظره إليها أن ابنها موجود في سجن صيدنايا العسكري ولم يمت، إنما هو موجود هناك بحجة الإيداع من أحد الأفرع المتعلقة بالأمن العسكري، لم تصدق أم محمد الرجل وقد أخبرها بمكان تواجد ابنها دون أن يضطر لفتح أي ملف الكتروني كما هي العادة أو حتى ملف ورقي، لكنه أخبرها أن هناك أختاما متفق عليها بينه وبين المشفى العسكري جميعها تثبت أن المعتقل متوفي لكن كل ختم يشير إلى مكان تواجد المعتقل الحقيقي.

تقول أم محمد: " أظهر أمامي العديد من الأوراق عندما سخرت من الطريقة التي يخبرني بها أن ابني حي، وأخبرني عن الأختام التي تتعلق بسجن عدرا، والأختام التي يكون المعتقل بموجبها يقبع في سجن صيدنايا، والأختام التي تثبت أن هذا المعتقل متوف بالفعل، وما أن خرجت من المكتب حتى رأيت أن بعض أهالي المعتقلين أتوا ليشكرونه بعد أن دلهم فعلا على مكان تواجد أبنائهم وأعطاهم بطاقات زيارة قد أتوا منها للتو".

بعد مرور خمسة عشر يوما على الحادثة أعطى المكتب لأم محمد بطاقة زيارة لتذهب وتزور ابنها وتفاجئ بأنه فعلا موجود في سجن صيدنايا، إذ لم تصدق ما الذي حدث فعلا إلا بعد أن رأت ابنها بعينها، وباتت تدل الجميع على المكتب الذي أعلمها بمكان تواجد ابنها بعد عامين من البحث المضني.