في مدينة اسطنبول وبحضور خجول لم يتعدى العشرين شخصاً مع غياب ممثلين عن مؤسسات المعارضة الرسمية، أقام الهلال الأحمر السوري الحر مؤتمراً صحفياً لمتابعة قضية اللقاحات السامّة والتي تسببت بمقتل ما يقارب العشرين طفلاً منتصف شهر أيلول الماضي في مدينة جرجناز بريف محافظة ادلب، والتي لم تظهر نتائج التحقيق الذي قام به عدد من أعضاء الائتلاف السوري المكلفين ومندوبين من وزارة العدل في الحكومة السورية المؤقتة التي لم تظهر أسبابها، ومن وراء الفعل حتى الآن، للقيام بمحاسبة الفاعل، مما دفع رئاسة الائتلاف السوري لإقالة شخصيات بارزة على رأسهم وزير الصحة في الحكومة السورية المؤقتة الدكتور عدنان الحزوري، وسهير الأتاسي رئيس وحدة تنسيق الدعم (ACU).
بدأ المؤتمر بدقيقة صمت لأرواح شهداء الثورة السورية ولأطفال مجزرة الدواء كما وصفوها وبعرض لم يتجاوز الدقيقتين لمجموعة من اللقطات المصورة لأطفال وهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة مودعين حياة آخر ما سيذكرون منها، طعم لقاح للوقاية من الحياة كان هذه المرة!!
يقول الدكتور سليمان الهواري وهو الأمين العام للهلال السوري الحر: "قمنا بهذا المؤتمر لتشخيص وتسليط الضوء على قضية اللقاحات وتشكيل لجنة سوريّة مستقلة بعيدة عن أي أجندات سياسية لمتابعة الموضوع ومعرفة المسببين والاقتصاص منهم بالإضافة إلى طلب تعويضات للعائلات التي فقدت أطفالها".
يسعى الهلال الأحمر السوري الحر جاهداً لتدويل قضية اللقاحات الفاسدة وتحويلها إلى محاكم المجتمع الدولي عبر اتصاله بالمنظمات والجمعيات العالمية المهتمة بحقوق الإنسان والطفل كونه الخاسر الأكبر من حرب فتكت بالبشر والحجر والصغير قبل الكبير.
السيد فاروق سويد وهو محامي من المكتب القانوني في المنظمة ذاتها قال لأخبار الآن: "بالإضافة إلى تشكيلنا للجان تحقيق مستقلين سنقوم بضم خبراء دوليين وأطباء شرعيين مختصين بالأدوية من اجل إعداد تقارير وتجهيزها لترفع أمام المحاكم الجنائية الدولية والمحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، نتمنى بان نصل إلى حقيقة هذا الموضوع ومحاسبة الجهة المسؤولة عن هذا الفعل الإجرامي".
أخذها ليجنبها المرض يوماً ما، فعاد بها جثة هامدة كملاك نائم بصمت.. هيّ الطفلة توجان التي لم تكمل عامها الأول بعد، واحدة من عشرات الأطفال السوريين الذين كانت أبواب السماء بانتظارهم ذلك اليوم، تصدرت صورها صدور المشاركين بالمؤتمر بحضور والديها اللذان أخذا على عاتقهما إيصال صوت بكاء طفلتهما إلى قلوب العالم اجمع، بدموع سخية وعيون حائرة ألقى والدها كلمته التي حث العالم بان ينقذ ما تبقى من أطفال سوريا بينما غصة حنان منعت الأم من البدء حتى.
يقول أحمد الدغيم والد الطفلة توجان: "لن يستطيع أحد أن يعوض شخص ما عن لمسة يد طفله، كل ما أتمناه أن تظهر الحقيقة وان نعرف إن كان الذي حصل مجرد خطأ أم بفعل فاعل، وان كان فكل ما نريده هو محاسبته أمام العالم أجمع لإنقاذ من بقي من أطفالنا".. قال هذه الكلمات وعيناه تفيض بالدموع.. فأبكت الحضور كله..
في المقابل ظهر وزير الصحة في الحكومة السورية المؤقتة الدكتور عدنان حزوري والذي صدر بحقه بيان الإقالة من مركزه على خلفية القضية ذاتها، وفي بيان مصور، أقر وزير الصحة في الحكومة السورية المؤقتة د.عدنان حزوري، بوجود خطأ بشري باستبدال مادة اللقاح بأخرى مما أدى إلى وفاة الأطفال لاحقاً..
وقد نفى الدكتور حزوري مسؤولية وزارة الصحة عن موضوع اللقاحات وتوزيعها في المناطق الغير خاضعة لسيطرة قوات الأسد منذّ البداية، حيث أن المنظمات الأممية المسؤولة عن اللقاحات اعترضت على استلام وزارة الصحة حملات التلقيح وقامت بإسناد المهمة إلى جهات مستقلة لديها خبرة في هذا المجال دعيت فيما بعد بـ (مجموعة عمل اللقاح) بالإضافة إلى الهيئة الوطنية للقاح التي أصدرت فيما بعد بيان يتحملون به المسؤولية التامة عن الموضوع.
لكن هل سيكون لصوت بكاء الأطفال ذلك اليوم صدىً بخضم الأحداث الأخيرة المتسارعة والتنافرات السياسية في أوساط المعارضة المتخبطة.. أم أنها ستضيع في ذاكرة السوريين التي لم تعد تحتمل المزيد من صور الألم والإجرام!!