لا زال تنظيم داعش يبحث ضمن خريطة مواقعه المسيطر عليها في سوريا على المواقع التاريخيّة والرموز الدينيّة التي كانت على قدر من الشهرة قبل ولادة التنظيم وذلك من أجل هدمها ومسح الدلالة التاريخيّة لهذه المواقع. كثيرون ممن يقطنون بمناطق التنظيم يستنكرون أفعاله بحقّ المعالم التاريخيّة، وكان آخر أفعال داعش بهذا الصدد هو تدمير كنيسة شهداء الأرمن التي تمّ بناؤها عام 1991م.
أقدم داعش على تفخيخ محيط كنسية شهداء الأرمن الواقعة في حيّ الرشديّة بدير الزور بعدما تمكّن من السيطرة على أجزاء من حي الرشديّة الذي يحتوي على موقع الكنيسة. كانت الكنيسة معلماً تاريخياً يذكّر بشهداء الأرمن هناك، والموجودة صورهم داخل الكنسية، وكان يأتي الكنسية العديد من الأرمن ربيع كلّ سنة لإحياء ذكرى الشهداء.
لكن ما أثار التساؤل لدى المتابعين هو سبب عدم انتشار مقاطع تثبت تفجير هذه الكنسية، حيث قام داعش بمنع الإعلاميين من تصوير المبنى وهو يتهدّم ولم يُعرف سبب المنع، لكن ناشطون من دير الزور قالوا أنّ المبنى تهدّم بشكل شبه كامل فما بقي منه إلّا البرج الذي يحمل رمز الصليب.
وتجدر الإشارة أنّ مبنى الكنيسة لم يكن سليماً من الدمار قبل إقدام التنظيم على تفخيخه، حيث نال من أطرافه ومواقع قريبة منه قصف قوّات النظام العشوائي على حي الرشديّة. سياسة الإقصاء الفكري والديني التي يتّبعها داعش بإظهار تنظيمه أنّه المرجع الجبري الوحيد في مناطق سوريا كانت إحدى الأسباب التي تدفعه لهدم المقابر والكنائس على حدّ رأي البعض.
وحتّى الآن قام التنظيم بهدم وتفجير العشرات من المقابر والجوامع القديمة واضعاً حججاً لم يقتنع بها الأهالي، ففي الرقة كان جامع أويس القرني الذي فخّخه التنظيم في أواخر الشهر الثالث من العام الحالي، كانوا يعتبرونه مرجع شيعي، لكن في الحقيقة ونظراً لجمالية المسجد واحتوائه على قبور لبعض الأولياء كان قد أصبح من معالم الرقّة التاريخيّة.
وفي مدينة منبج أيضاً كان هنالك جامع الشيخ عقيل المنبجي الذي تمّ تفخيخه أيضاً وتفجيره في أوائل الشهر الثالث من هذا العام، أمّا عن السبب الذي نشره عناصر التنظيم هو أنّ زيارة ضريح الشيخ عقيل داخل المسجد هو شرك بالله!.
فيما يخصّ الريف الحلبي الشرقي كان آخر استهداف للتنظيم في قرية دابق عندما هدم قبر سليمان بن عبد الملك والصحابي عبد الله بن مسافع القرشي، وقام على هذا العمل وقتها موالون للتنظيم من نفس القرية. ولم يقتصر الأمر على ما ذُكر أعلاه، إنما استمرّ التنظيم في اتباع هذه السياسة على المقابر المنسوبة لرموز دينيّة أو تاريخيّة والموجودة داخل المدن التي يسيطر عليها التنظيم.
استمرار التنظيم في هدم المقابر التاريخيّة زاد من نقمة الأهالي على أفعاله، لكن البعض اتّهم التنظيم أنّه يقوم بهذه الأفعال ليس لدافع "ديني" كما يعلنون إنما أملاً بإيجاد قطع الآثار الثمينة داخل هذه القبور، وقد أثبت ذلك عندما حفر عناصر التنظيم قبر أحد الأولياء في ريف منبج الجنوبي بقرية "البيرا" وبعد الانتهاء من كشف القبر لم يجدوا شيء فتمّ تفجيره فيما بعد.