تحت حجج واهية يعود النظام من جديد ليغلق الطرق الواصلة بين دمشق وبلدتي قدسيا والهامة بريف دمشق التي تحتوي على أكثر من 400 ألف مدني خارقا الهدنة التي أقامها في تلك المناطق.
بعد نزوح سكان الدخانية والدويلعة وكشكول والكباس وجرمانا من شرق العاصمة دمشق جراء قصف النظام العشوائي والمكثف بعد سيطرة الحر على بلدة الدخانية التي تتوسط هذه المناطق اكتظت الهامة وقدسيا بالمهجرين من أبناء العاصمة الذين جاؤوا إليها فرارا من مناطق النظام التي لم يعد العيش فيها ممكنا تحت ظلم وتجبر الشبيحة.
أعداد النازحين زادت عن الحد المطلوب فأصبحتَ لا تجد بيتا فارغا يمكن استئجاره في كلا البلدتين التين عرفتا على المستوى المجتمعي بالترحاب بأي لاجئ يأتي هاربا من بطش النظام، وخلال الأيام التي كانت تمتلئ فيها البلدتين، دخلت مجموعة من الجيش الحر إلى جنوب العاصمة فأربكت النظام وجعلته يحشد دبابته في واحدة من الأماكن التي ظن أنها الأكثر هدوءا في دمشق ليبدو عليه الارتباك جليا هذه المرة وعدم القدرة على ضبط انفعالاته، ترافق هذا التوتر الأمني الذي اجتاح دمشق بأن أحد مجموعات الجيش الحر في بلدة قدسيا نصبت حواجزها داخل البلدة ملقية القبض على أكثر من عسكري حيث يخالف دخول العساكر لمدينة قدسيا أحد شروط الهدنة القائمة في البلدة.
وكعادة النظام الذي لا يقوى على الجيش الحر فيستقوي على المدنيين من نساء وأطفال فقد أغلق المنافذ للبلدتين ومنع دخول وخرج المدنيين منها حتى لو كانوا طلابا أو موظفين، كما منع دخول المواد الغذائية والمحروقات والطحين، ما دفع المدنيين بالتوجه إلى الأفران والأسواق وشراء كل ما تسنى لهم شراؤه بعد خبرتهم بأن الحصار قد يطول ففرغت البلدتين من السلع الاستهلاكية والطحين والخضراوات، ودخلت قدسيا والهامة في مرحلة الاستنزاف بعد أربعة أيام من الحصار لأن أعداد اللاجئين فيها فاقت الوصف.
المضحك المبكي في كل ما جاء هو كيف تناولت صفحة قدسيا الآن الموالية للنظام على الفيس بوك سقوط قذيفتي هاون بين البلدتين أطلقهما النظام كي يخبر الجيش الحر بأنه مستعد لإبادة البلدتين ومن فيهما إن حاولوا الرد بالسلاح على إغلاق الطريق، فجاء على الصفحة: "الجيش السوري يضرب قذيفتين على مدخل الهامة – قدسيا بشكل تحذيري للمجموعات المسلحة في البلدة" ومن التعليقات التي حصدها هذا الكلام تعليق لشاب سوري لم يرق له كم السخافة التي تتداول بها الصفحة كلمة قذيفة فكتب بلهجته ما معناه: " قذائف تحذيرية؟؟؟؟؟؟؟ أنت تتكلم عن قذيفة أيها الغبي وليس عن مفرقعات نارية!!".
يدرك الجيش الحر كما يدرك الأهالي في البلدتين أن النظام سيعيد فتح الطريق لأنه غير قادر على فتح جبهة جديدة داخل دمشق أو على محيطها فقد بات الإنهاك الذي يعاني منه جيشه سيرة القاصي والداني.